
ياسيادة الرئيس السيسي وما علاقة سد النهضة الإثيوبي بالصومال؟؟؟.
بقلم ياسين أحمد
رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية.
ياسيادة الرئيس السيسي وما علاقة سد النهضة الإثيوبي بالصومال؟؟؟.
تحدث مع القيادة الإثيوبية وأصحاب سد النهضة… وليس مع جيران أثيوبيا لان الدول المجاورة لاثيوبيا مستفيدة من سد النهضة الذي سيوفر لها الكهرباء لتعزيز التنمية الإقليمية على أساس المصالح المشتركة للشعوب والدول!!!
ياسيادة الرئيس السيسي إن الطريق إلى سد النهضة يمر عبر العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ، وليس عبر بعض العواصم الإفريقية او العربية او الغربية. اثيوبيا تؤمن بشعار الإتحاد الإفريقي حلول إفريقية لمشاكل إفريقية.
بعد فشل محاولات تعريب النيل وتدويل قضية سد النهضة:
بعد أن فشلت مصر في تسويق موضوع الخلافات حول سد النهضة الإثيوبي، بتعطيل بنائه بداية، ثم محاولة عرقلة مراحل ملء بحيرة السد في مرحلتين الأولى والثانية بحجة أنه يمثل خطرا على الأمن القومي المصري، ثم صعدت شكواها إلى مجلس الأمن الدولي الذي حول النظر في الموضوع إلى الإتحاد الأفريقي، داعيا إلى تفاهم بين الدول الثلاث، وهدد حينها ترامب بأن مصر قد تلجأ لإستخدام القوة لوقف بناء السد …
بعدها عادت هذه المرة عبر المبعوث الأمريكي الجديد لمنطقة القرن الأفريقي، لتثير قضية بدء المرحلة الثالثة من الملء التي بدأت، فيما زج الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي، بالجارة الصومال في صلب نزاع البلدين وإختلاف مواقفهما …
ورغم تقديرنا للجارة الصومال التي لا نشك في حكمة وحنكة قادتها، نعتقد أن محاولة زجها في قضية معروفة أطرافها الثلاثة، هي محاولة يائسة لتوسيع رقعة الخلاف، والاستقواء بالآخرين كما فعلت مرات ومرات، وقد كان من الأحرى لو ذهب الرئيس المصري عبدالفاتح السيسي مباشرة إلى أديس أبابا وجلس مع قادتها الذين كرروا كثيرا انهم منفتحين على الجميع، وأن سد النهضة لفائدة دول المنطقة، وأن إثيوبيا لا تنوي الإضرار بمصالح الدول الثلاث، ولن تعمل على تهديد مصلحة احد، بل تسعى للتشارك والتشاور في كل ما يخدم مصالح الجميع.
مخارج للمأزق المصري:
إن أفضل المخارج للمأزق المصري ينبغى أن تقوم تبادل المنافع بدلا من المدافع وعلى تحقيق التعاون والتكامل الإقليمي الإقتصادي لتعزيز المصالح المشتركة والتى تكمن في الآتي:
أولا: في تنازل مصر من الحقوق التاريخية المزعومة مصريا والتى لا تعترف بها أثيوبيا ولا القانون الدولي حسب “اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية” الذي أقرته الأمم المتحدة سنة 2014م
حيث نص هذا القانون الدولي على الإستخدم العادل والمنصف للمياه الأنهار العابرة للحدود.
ثانيا: ينبغي على مصر أن تقبل وتوقع على إتفاقية عنتيبي لدول حوض النيل والتى تنص على تقاسم عادل لمياه النيل على أساس القانون الدولي للانهار العابرة للحدود.
ثالثا: ينبغى على مصر ان تقبل على التعاون والتكامل الإقليمي الاقتصادي على أساس المصالح المشتركة لدول وشعوب حوض النيل من المنابع الى المصب. والمصالح المشتركة بين مصر ودول القرن الإفريقي لا تقتصر على التعاون الإقليمي الإقتصادي بل هي تتعدى الى الأمن المائي الإقليمي وكذلك أمن البحر الاحمر جنوبا وشمالا يتطلب تعاوني أمني إقليمي لتأمين الملاحية المائية للتجارة الدولية وبالرغم من أثيوبيا دولة حبيسة وليس لديها منفذ بحري، إلا دولة بحجم أثيوبيا في القرن الإفريقي لها دور محوري في إستقرار وأمن البحر الأحمر والمحيط الهندي لأن أمن دول القرن الإفريقي المطلة على البحر الاحمر والمحيط الهندي جزء من أمن أثيوبيا وارتباط أمنها الغذائي والإقتصادي بدول القرن الإفريقي.
رابعا: ينبغى على مصر أن تقبل على التعاون الإقليمي الثلاثي بين إثيوبيا والسودان ومصر من أجل تعظيم الموارد المائية في أثيوبيا كدولة منبع للنيل الازرق بنسبة 86٪ من مياه النيل حتى تضمن مصر حصتها من تدفق المياه إليها مستقبلا مع الأخذ في الإعتبار التغير المناخي.
وأفضل الوسائل لتحقيق هذا التعاون الإقليمي الإقتصادي هو زيادة التبادل التجاري بين مصر واثيوبيا والسودان عبر إيجاد مشاريع إستثمارية مشتركة لتحقيق التنمية الإقليمية على أساس المصالح المشتركة.
خامسا: ينبغى على مصر أن تتبنى سياسية الإستخدام الرشيدي لمياه النيل في مصر وعدم الإهدار وكذلك تطوير نظام جديد للري يوفر لمصر مياه النيل بدلا من إستخدام مصر حاليا لنظام الترع المتخلف وبرفاهية زراعة الأرز الذي يستهلك مياه كثيرة من زراعة القمح حيث تسورد مصر 80٪ من القمح من روسيا و أوكرانيا وامريكا.
مازالت مصر تسخدم أقدم وسيلة للري، عرفتها البشرية وهي الري بالحياض….
فمصر تروي 90% من أراضيها الزراعية (حوالي 6 مليون فدان) بتلك الوسيلة البدائية، وهي غمر الأحواض المزروعة بالمياه Surface irrigation، وبهذه الوسيلة الأقدم تهدر مصر أكثر من 60% من مواردها المائية للزراعة، بَيْنما لو إستخدمت الطرق العصرية ، كالري بالتنقيط Drip irrigation
والري بالرش
Sprinkler irrigation
لوفرت نصف المياه التي تهدرها في ري الحياض……
وليس هذا كل شيء في هدر مياه النيل بمصر، فهذا البلد الذي يستأثر بثلثي مياه النيل طمعآ وشحآ، لديه رفاهية زراعة الأرز…
مصر تهدر كمية ضخمة من مياه النيل في زراعة الأرز، التي هي الأولى إفريقيا في إنتاجه، إذ تنتج لوحدها ثلث إنتاج القارة السمراء مجتمعة من الأرز….. فهي تزرع 2.5 مليون فدان من الأرز سنويآ، لتستنفذ ما يعادل 27% من حصتها في مياه النيل… وإذا أضفنا لهذا، المساحات المزروعة خارج التخطيط، فإن حجم المياه المهدورة في زراعة الأرز بمصر، يقارب حجم نصيب السودان الكلي من مياه النيل….وعلاوة على ذلك، فإن من الوسائل البدائية في الري بمصر، نظام الترع (جمع ترعة) الذي يؤدي إلى هدر كميات هائلة من المياه بالتبخر والتسرّب، فهناك شبكة من مئات الترع تغطي السافل والصعيد، ويبلغ إجمالي أطوال الترع بجميع المحافظات سبعة آلآف كيلومتر، وعلى سبيل المثال، تأملوا (ترعة السلام) التي تبدأ من النيل إلى عمق سيناء للري الزراعي…
يمكن مقارنته بالنهضة الزراعية في إسرائيل، التي تعتبر واحدة من أفقر بلاد العالم مائيآ، ومع ذلك هي رائدة العالم في الزراعة والري الحديثين.
ياسيادة الرئيس السيسي إن الطريق الى سد النهضة يمر عبر عاصمة إثيوبيا أديس ابابا وليس عبر بعض العواصم الإفريقية او العربية او الغربية. اثيوبيا تؤمن بشعار الإتحاد الإفريقي: حلول إفريقية لمشاكل إفريقية.