
اللجنة التوجيهيّة الإفريقيّة المسؤولة عن مشروع الخطّ الملاحيّ في النيل (فيكتوريا – المتوسّط) حدّدت عام 2024 لتشغيله وتحويله إلى ممرّ تنمويّ حتّى كيب تاون.
فبراير 7, 2017
القاهرة – حدّدت اللجنة التوجيهيّة الإفريقيّة التي تترأسها مصر ,والمسؤولة عن مشروع الممرّ الملاحيّ في النيل لربط بحيرة فيكتوريا بالبحر الأبيض المتوسّط عام 2024 ليكون بداية تشغيل الممرّ.
وهو المشروع الذي ينفذ تحت مظلة “النيباد“,منذ أن أقرته اللجنة التوجيهيّة العليا للإتّحاد الإفريقيّ في كانون الثاني/يناير 2013 خلال انعقادها على هامش القمة الافريقية بإثيوبيا ,ويتبناه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باعتباره أحد مشاريع أجندة المبادرة الرئاسية للبنية التحتية في افريقيا 2063.
والمشروع بدأت فكرته بإنشاء خطّ ملاحيّ على طول نهر النيل للسفن التجاريّة الصغيرة والمتوسّطة لتنشيط التجارة البينيّة بين 9 دول هي تنزانيا، كينيا، أوغندا، رواندا، بوروندي، الكونغو الديموقراطيّة، جنوب السودان، السودان، ومصر بطول يتجاوز 4000 كلم على النيل الأبيض حتّى البحر المتوسّط، بينما تطوّرت فكرة المشروع ليصبح محورا للتنمية بطول إفريقيا، بعد طلب إثيوبيا الإنضمام إلى المشروع.
وكذلك اعتباره ضمن مكوّنات مشروع طريق الإسكندريّة – “كيب تاون”, وهو مشروع آخر تم احياؤه وينفّذ حاليا تحت مظلّة “الكوميسا” لربط جنوب القارة الإفريقيّة بشمالها بريا, ويبلغ طوله نحو ١٠ – آلاف كيلومتر تقريبا، ويمر بمصر والسودان واثيوبيا وكينيا وتنزانيا وزامبيا وزيمبابوي والجابون واخيرا جنوب افريقيا ويمول تنفيذه البنك الإفريقى وعدة منظمات دولية، وتنفذه عدة شركات مصرية سعودية سودانية مشتركة علي رأسها المقاولون العرب.
وكشف مستشار وزير النقل المصريّ لشؤون النقل النهريّ المهندس سمير سلام في حديث خاص لـ”المونيتور” أنّ الطريق الدوليّ البري (الإسكندريّة – كيب تاون)، والذي من المستهدف ربطه بمشروع الممر النهري النيلي (المتوسط – فيكتوريا) قد انتهت كلّ أعمال البنية التحتيّة والأساسيّة له، ويتبقّى وضع المواصفات الخاصّة به كطريق دوليّ من إشارات وعلامات، لافتاً إلى أنّ هذا الطريقان مستهدف ربطهما لتسهيل حركة نقل الأفراد والبضائع على طول القارّة , وربطها بأوروبا من خلال البحر المتوسط.
وفي مقابلة خاصّة مع “المونيتور” أكّدت رئيسة اللجنة الفنيّة لمجلس الوزراء الأفارقة للمياه الدكتورة نهال عادل أنّ مشروع الممر الملاحي بالنيل من المتوسط حت فيكتوريا ينفذ على اربعة مراحل هي مرحلة دراسات ما قبل الجدوى، دراسات الجدوى، التصميم وإعداد الرسومات التنفيذية، ومرحلة أخيرة هي التنفيذ والتشغيل.
وأكدت أن القاهرة أتمت دراسات ما قبل الجدوى للمشروع خلال أيّار/مايو من عام 2015،وبدعما ماليا بلغ 500 ألف دولار, بينما وقعت مصر بصفتها رئيس اللجنة التوجيهيّة الإفريقيّة المسؤولة عن المشروع على عقد تنفيذ دراسات الجدوى المرحلة الأولى في 22 كانون الثاني/يناير الجاري، مع مكتب استشاريّ دوليّ “ألمانيّ- بلجيكيّ”، وبمنحة من البنك الإفريقيّ للتنمية بقيمة 650 ألف دولار، وتصل تكلفة تنفيذ المشروع ما بين 10 إلى 12 مليار دولار.
ووضعت دراسات ما قبل الجدوى لمشروع الممرّ الملاحيّ من فيكتوريا حتّى المتوسّط 6 بدائل للتنفيذ، وحصل “المونيتور” على تقرير خلاصة الدراسة، الذي أعدّته وزارة الموارد المائيّة والريّ المصريّة وتمّ اعتماده من “الكوميسا”، ويعتمد البديل الأوّل على مجرى النيل لملاحة السفن ونقل البضائع باستثناء بحيرة فيكتوريا، والاعتماد على شبكة سكك حديديّة عبر أوغندا والممرّ الشماليّ LAPSSET في إفريقيا، والذي يربط شرق إفريقيا ووسطها بميناء ممباسا في كينيا، ويشابهه البديل الرابع مع إضافة فرصة ربط روندا مع بحيرة فيكتوريا، وكذلك البديل السادس الذي يعتمد كليّاً على الملاحة النهريّة في النيل مع إنشاء طرق للملاحة في بحيرة فيكتوريا التي تربط كينيا وتنزانيا وروندا، وتتطلّب البدائل الثلاثة أعمالاً هندسيّة للتغلّب على معوقات الملاحة النهريّة، منها ربط بحيرة إدوارد وألبرت، وإنشاء قناة ربط ملاحيّة بين منطقة أبو حامد في السودان حتّى أسوان.
وتعتمد البدائل الثاني والثالث والخامس من دراسات ما قبل الجدوى للمشروع على تخطّي عقبات المناطق الصعبة الملاحة النهريّة واستبدالها بوسائل نقل بريّ، ومنها شبكة سكك حديد في أوغندا لربط منطقة فيكتوريا النيل بـ”كيوجا”، أو اعتبار جوبا مركزاً بميناء كبير لتلقّي الشحنات عن طريق السكك الحديديّة وشبكات الملاحة النهريّة، مع الإعتماد على قناة الاختصار للملاحة النهريّة من منطقة أبو حامد إلى أسوان في مصر بطول 800 كيلومتر، بدلاً من 2300 كلم برّاً، بما يوفّر نقلاً أسرع وأرخص.
وتعتمد آليّة التغلّب على معوقات الملاحة النهريّة بالنيل في البدائل الثاني والثالث والخامس بالمشروع، وفقاً لما قاله رئيس الوحدة المشرفة على دراسات المشروع بمصر الدكتور نادر المصريّ خلال حديث لـ”المونيتور” على فتح ممرّات ملاحيّة في النيل لسير السفن من خلال إجراء أعمال تهذيب للمجرى وإنشاء أهوسة للتغلّب على مناطق الشلاّلات والمرور من السدود في النيل ومصاعد لنقل الشحنات من مستوى إلى آخر في النيل.
وفي مقابلة مع “المونيتور” داخل مكتبه في القاهرة، قال وزير الموارد المائيّة والريّ المصريّ الدكتور محمّد عبد العاطي: إنّ مشروع الممرّ الملاحيّ النيليّ، بعد ربطه بطريق القاهرة – كيب تاون، بات ممرّاً للتنمية، والهدف الرئيسيّ منه ربطه بأوروبا وحلّ إشكاليّة سوء البنية التحتيّة وارتفاع كلفة النقل التي تقلّل الجدوى الإقتصاديّة للمشاريع الاستثماريّة في القارة الإفريقيّة.
ويواجه مشروع الممرّ الملاحيّ في النيل بعض الاعتراضات المحليّة بالقاهرة، إذ رأى الدكتور رئيس قسم الريّ وهيدروليكا المياه السابق في جامعة الإسكندريّة هيثم عوض خلال حديث لـ”المونيتور” أنّ ممرّ مشروع LAPSSET في كينيا يهدّد الجدوى الإقتصاديّة لمشروع الممر الملاحي بالنيل من فيكتوريا للمتوسط، وقال: “إنّ المشروع الكينيّ سيربط شرق إفريقيا ووسطها بالأسواق الدوليّة عبر خطّ يصل بين كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان، وينتهي عند منفذ بحريّ على المحيط الهنديّ”.
وأضاف: “ستكون حركة التبادل التجاريّ والتنقّل أسرع وأسهل من كينيا بدلا من مصر”.
من جهته، اعتبر وزير الموارد المائيّة والريّ الأسبق الدكتور محمّد نصر الدين علاّم خلال حديثه لـ”المونيتور” أنّ التوتّرات السياسيّة وعدم الاستقرار الأمنيّ في الدول الإفريقيّة التي يمرّ بها المشروع تمثّل عامل تحدّ كبير، وقال: “إنّ الاضطرابات في جنوب السودان تعطّل إتمام مشروع قناة جونجلي المصريّ – السودانيّ منذ أكثر من 30 عاماً لاستقطاب 12 مليار متر مكعّب من المياه تهدر في المستنقعات”.
وعقّب سمير سلام على الاعتراضات قائلاً: “قناعة 10 “دول شريكة في المشروع ستعمل على تضافر الجهود للتغلّب على أيّ مستجدّات قد تعرقله”.
أضاف: “مشروع قناة جونجلي ثنائيّ، وليس إقليميّاً، وهناك أطراف خارجية تقف وراء عرقلته”.
وتابع: تمّت بالفعل دراسة تأثيرات مشروع ممرّ LAPSSET في شرق إفريقيا على المشروع الحاليّ، وثبت أنّه يمكن اعتباره مشروعاً تكميليّاً للخطّ الملاحيّ.
مساعي “نيباد” باتّجاه تنفيذ مشروع محور التنمية (المتوسّط- فيكتوريا- كيب تاون) من شأنها حلّ إشكاليّات كثيرة في إفريقيا وخلق روح من التّعاون التنمويّ تحت شعار إفريقيا