افتح القائمة الرئيسية
المعرفةبحث
- اللغة
- تنزيل بصيغة PDF
- راقب هذه الصفحة
- عدل
https://googleads.g.doubleclick.net/pagead/ads?client=ca-pub-5007306297648877&output=html&h=343&slotname=4290704544&adk=3773517930&adf=2957301680&pi=t.ma~as.4290704544&w=412&lmt=1653040883&rafmt=1&psa=1&format=412×343&url=https%3A%2F%2Fm.marefa.org%2F%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AA%25D9%258A%25D8%25A7%25D8%25B1_%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A5%25D8%25B3%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2585%25D9%258A_%25D9%2588%25D8%25AD%25D8%25B1%25D8%25A8_%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%25D9%258A%25D8%25A7%25D9%2587&fwr=1&fwrattr=true&rpe=1&resp_fmts=3&sfro=1&wgl=1&uach=WyJBbmRyb2lkIiwiMTEuMC4wIiwiIiwiU00tQTMxNUciLCI5OC4wLjQ3NTguMTAxIixbXSxudWxsLG51bGwsIiIsW1siIE5vdCBBO0JyYW5kIiwiOTkuMC4wLjAiXSxbIkNocm9taXVtIiwiOTguMC40NzU4LjEwMSJdLFsiR29vZ2xlIENocm9tZSIsIjk4LjAuNDc1OC4xMDEiXV0sZmFsc2Vd&dt=1653059359313&bpp=11&bdt=424&idt=396&shv=r20220518&mjsv=m202205170101&ptt=9&saldr=aa&abxe=1&cookie=ID%3D1760499d9d08a726-22a079c9a0d300ec%3AT%3D1652544495%3ART%3D1652544495%3AS%3DALNI_MZANP0uccoGcySqow4GOziEhiYc9g&gpic=UID%3D0000072e6daddf0d%3AT%3D1653058886%3ART%3D1653058886%3AS%3DALNI_Mawv3UEULMkfzHBBhsIrbbOXkOYgw&prev_fmts=0x0&nras=1&correlator=7170646125116&frm=20&pv=1&ga_vid=1239366590.1653058885&ga_sid=1653059360&ga_hid=286017884&ga_fc=1&ga_cid=203165338.1652544492&u_tz=180&u_his=19&u_h=915&u_w=412&u_ah=915&u_aw=412&u_cd=24&u_sd=2.625&dmc=4&adx=0&ady=171&biw=412&bih=733&scr_x=0&scr_y=93&eid=44759875%2C44759926%2C44759842%2C31067656&oid=2&pvsid=301786744542355&pem=368&tmod=10992352&uas=3&nvt=3&ref=https%3A%2F%2Fwww.google.com%2F&eae=0&fc=1920&brdim=0%2C0%2C0%2C0%2C412%2C0%2C412%2C733%2C412%2C733&vis=1&rsz=%7C%7CpeE%7C&abl=CS&pfx=0&fu=128&bc=31&ifi=2&uci=a!2&fsb=1&xpc=6ns1OHn6zL&p=https%3A//m.marefa.org&dtd=423
مصطفى حامد ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال |
https://googleads.g.doubleclick.net/pagead/ads?client=ca-pub-5007306297648877&output=html&h=344&slotname=7076511375&adk=3898277499&adf=432073535&pi=t.ma~as.7076511375&w=412&lmt=1653040883&rafmt=11&psa=1&format=412×344&url=https%3A%2F%2Fm.marefa.org%2F%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AA%25D9%258A%25D8%25A7%25D8%25B1_%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A5%25D8%25B3%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2585%25D9%258A_%25D9%2588%25D8%25AD%25D8%25B1%25D8%25A8_%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%25D9%258A%25D8%25A7%25D9%2587&fwr=1&wgl=1&uach=WyJBbmRyb2lkIiwiMTEuMC4wIiwiIiwiU00tQTMxNUciLCI5OC4wLjQ3NTguMTAxIixbXSxudWxsLG51bGwsIiIsW1siIE5vdCBBO0JyYW5kIiwiOTkuMC4wLjAiXSxbIkNocm9taXVtIiwiOTguMC40NzU4LjEwMSJdLFsiR29vZ2xlIENocm9tZSIsIjk4LjAuNDc1OC4xMDEiXV0sZmFsc2Vd&dt=1653059359324&bpp=13&bdt=435&idt=437&shv=r20220518&mjsv=m202205170101&ptt=9&saldr=aa&abxe=1&cookie=ID%3D1760499d9d08a726-22a079c9a0d300ec%3AT%3D1652544495%3ART%3D1652544495%3AS%3DALNI_MZANP0uccoGcySqow4GOziEhiYc9g&gpic=UID%3D0000072e6daddf0d%3AT%3D1653058886%3ART%3D1653058886%3AS%3DALNI_Mawv3UEULMkfzHBBhsIrbbOXkOYgw&prev_fmts=0x0%2C412x343&nras=1&correlator=7170646125116&frm=20&pv=1&ga_vid=1239366590.1653058885&ga_sid=1653059360&ga_hid=286017884&ga_fc=1&ga_cid=203165338.1652544492&rplot=4&u_tz=180&u_his=19&u_h=915&u_w=412&u_ah=915&u_aw=412&u_cd=24&u_sd=2.625&dmc=4&adx=0&ady=605&biw=412&bih=733&scr_x=0&scr_y=93&eid=44759875%2C44759926%2C44759842%2C31067656&oid=2&pvsid=301786744542355&pem=368&tmod=10992352&uas=3&nvt=3&ref=https%3A%2F%2Fwww.google.com%2F&eae=0&fc=1920&brdim=0%2C0%2C0%2C0%2C412%2C0%2C412%2C733%2C412%2C733&vis=1&rsz=%7C%7CpeE%7C&abl=CS&pfx=0&fu=128&bc=31&ifi=3&uci=a!3&fsb=1&xpc=hW5YWuqOJE&p=https%3A//m.marefa.org&dtd=481
التيار الإسلامى وحرب المياه ,إسرائيل تصادر أنهار الجنة الأربعة والتيار الإسلامى يسبح فى برك الفتنة – مصطفى حامد
– السلفية الجهادية سلمت سيف الدين إلى الأعداء مقابل التمويل، والإسلام السياسي يخلع رداء الدين، ويدخل ساحة الحكم عاريا.
– العدو يصادر أنهار الجنة، والجهاديون يقاتلون طواحين الفتنة.
– الماء هو مصدر القوة فى العصر الحديث قبل النفط ، وربما قبل المخدرات أيضا.
– حركة طالبان أوقفت مشروع إسرائيل لسرقة نهري سيحون وجيحون، ومستقبل آسياالوسطى و الصين و روسيا و إيران يتوقف على إنتصارها.
– السد العالى بحيرة داخل دولة النوبة | و قناة السويس أخر حدود مصر البرية من جهة الشرق | سيناء وطن التيه للفلسطينيين | وجيش إسرائيل يعود مرة أخرى إلى الضفة الشرقية للقناة متترسا بالتوسعات الجديدة.
– الأردن الكبير، حصان طروادة يحمل إسرائيل إلى المدينة المنورة .
– صراع القادة العرب على المراكز المتقدمة فى النظام الإسرائيلى للمنطقة.
– أفغانستان و اليمن أخطر معارك العرب و المسلمين ، وعلى ضوئهما سوف يتحدد مصير باقى المعارك.
– باب المندب أكبر مركز لتجارة المياه المصرية المنهوبة.
– حلف “الناتو” العربي/ أو الإسلامى/ هو الذراع العسكري لبنك المياه الإسرائيلي، ومهمته حل المشكلات السياسية عسكريا، وقمع الإنتفاضات الشعبية الإسلامية المتوقعة.
– إنهاء مصر بتحويل مجرى النيل إلى شرق أفريقيا ، وإعتقال اليمن باحتلال شواطئه وإخراجه من معادلة جزيرة العرب .
– عاصفة الحزم التى تشنها السعودية والمشيخات ضد شعب اليمن / تحت لافتة التحالف العربى / هى نموذج لفلسفة حلف الناتو المرتقب فى خدمة أطماع إسرائيل المائية بوسائل عسكرية.
– روسيا و الصين و إيران هل يلتزمون بالسلبية إزاء نهب أنهار آسيا الوسطى وما يصاحبها من تغييرات فى الخريطة السياسية لدول المنطقة؟؟.
– إيران بصفتها “جمهورية إسلامية”، غير مرحب بإطلالتها على مضيق هرمز، الحلقة الأهم لإمداد السعودية والمشيخات بمياه النيل وسيحون وجيحون، وربما أيضا مياه نهرهندوس من باكستان .
– تعمل الوهابية القتالية فى نفس الميادين التى يقاتل فيها اليهود لأجل المياه، ضمن برنامج واحد متكامل لا ينفصل مهما إختلفت الساحات، من آسياالوسطى إلى غرب أفريقيا .
الفصل الأول
إسرائيل: إستراتيجية النار والماء.
– موجة عاتية من حروب المياه
– دولة النار والماء
– وسائل إسرائيل لإصلاح الجغرافيا المائية
الفصل الثاني
أفغانستان في دوامة حرب المياه
أفغانستان: العلاقة بين حرب الأفيون الثالثة وحرب السيطرة على أنهار الجنة الأربعة
– بحر ونهران من الجنة.
– القوات الأجنبية والغربية تحاصر مياه المسلمين في آسيا الوسطى
– بعد حرب الأفيون: هل تصبح أفغانستان ضحية لحرب المياه؟؟
– خصخصة أنهار الجنة الأربعة
– حركة طالبان طريق الخلاص لشعوب آسيا الوسطى
– بنك المياه في وسط آسيا
– قرغيزستان، الحلقة الأضعف في آسيا الوسطى، هل تحدث انقلابا في مسيرة نهر سيحون؟؟
الفصل الثالث
– سد النهضة، إسرائيل ثانية في جنوب مصر
– مشاريع مشبوهة وقاتلة
– النيل نجاشي
– جولات مصر مع سد النكبة
– ثلاث مصائب خلف سدالنكبة
– سد النهضة في إطار النظام الإقليمي الجديد
ماذا بعد بناء سد النهضة؟؟
أولا
– المصبات الجديدة لنهر النيل.
ثانياً
– تأمين المسارات البحرية لنقل الماء المنهوب
– نهب الماء الأفريقي
– احتمالات أخرى لنهب مياه النيل
– هدم سد النهضة
الفصل الرابع
– النظام الإقليمي الجديد، تنافس وصراعات من الداخل
– التنافس والصراعات
– الأوراق السعودية
– أوراق إعتماد مصر في النظام اليهودي الجديد
– أوراق إعتماد السودان في النظام الإقليمي الجديد
– مكانة تركيا في النظام الصهيوني الجديد
– غرق التيار الإسلامي في حرب المياه
الفصل الخامس
اليمن وحرب المياه
– أهمية اليمن للعرب وجزيرة العرب
– الخطر الراهن على اليمن
– الهدف من فصل السواحل والجزر عن البر اليمنى
– حرب المجاهدين للدفاع عن اليمن
أولاً – هدف الحرب
ثانياً – إستراتيجية الحرب
– البعد الإفريقى لحرب اليمن
– الحرب والجبهة الداخلية فى اليمن
مقدمة
– بعد ثلاث سنوات من الآن سوف ترتفع صفقات المياه في العالم من مليار 250 دولار حاليا لتبلغ 660 مليار دولار وهو مبلغ يعادل حجم تجارة المخدرات في العالم في أوائل تسعينات القرن الماضي وذلك حسب مصادر الأمم المتحدة . ولم توضح الهيئة الدولية مصدر هذا النمو الرهيب خلال هذا الزمن القصير لاحظ أن سد النهضة سيكتمل هذا العام 2017، وخلال الثلاث سنوات المذكورة سيكون السد النكبة قد إمتلأ وصار جاهزا لتصدير الماء للدول والشركات الدولية، بواسطة بنك المياه الذي إقترحته إسرائيل. وسيحرم شعب مصر بالكامل من حقه الطبيعي في الحصول على المياه الصالحة للشرب التي جعلتها الدول الإستعمارية، والشركات الدولية “العابرة للإنسان”، حكرا على الأقوياء فقط . فالمياه حسب قول الخبراء أصبحت مصدراً للقوة والنفوذ لمن يمتلكها، وكارثة أمنية وسياسية وإقتصادية لمن يفتقدها.
– بيانات منظمة الأمم المتحدة تشير إلى أن 880 مليون إنسان، غالبيتهم من الدول النامية يفتقرون الآن إلى المياه الصالحة للشرب. وسوف يصل هذا العدد إلى 4 مليارات إنسان بعد 13 عاما من الآن، في مناطق تعاني من نقص المياه الحاد، خاصة في جنوب آسيا و الصين .
– قالت مستشارة كبيرة لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة أن ” ثمة حاجة ماسة إلى معاهدة أو إتفاقية دولية بشأن الحصول على المياه، وذلك للبت بصورة نهائية وقاطعة في عدم شرعية حرمان أي إنسان في العالم من الماء بسبب العجز عن شرائه”.. وقالت أيضا ” لابد من حماية المياه كحق من حقوق الإنسان الأساسية ” … ” وأن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف هي محفل ملائم لطرح هذه القضية”. ومن طرفنا نقول إن العالم في حاجة إلى قانون يجرم سرقة الأنهار ويجرم الإتجار في الماء المسروق، كما أن هناك قانون يجرم الإتجار في الآثار المسروقة.
ولكن الواقع هو أننا ومن خلال الأمم المتحدة قد ضمنا ضياع حقوقنا في مياه النيل و دجلة و الفرات وسيحون وجيحون مضافا إليها جميع أنهار الشام الكبير. وكما ساهمت تلك المنظمة فى ضياع فلسطين ، فهي تساهم الآن بكل جدية في ضياع أنهار العرب و المسلمين .
– تقول نفس المستشارة ” لقد بدأنا نكسب بعض المعارك التي نخوضها ضد سرقة المياه من جانب الشركات في مختلف أنحاء العالم”. وهى تقصد شركات تعبئة زجاجات المياه، التي تقول بأن كندا قد حظرت بيعها في 53 بلدية، مما أدى إلى إنهيار مبيعاتها” . ولكن ذلك بعيد جدا عما تطمح إليه الشعوب، لأننا بصدد نزح مياه أنهار الفقراء ونقلها إلى بلاد القادرين على الدفع بالعملات الصعبة، لقاء سلعة تزداد ندرتها في العالم. إنها سرقة مسلحة وبالإكراه، فماذا يمكن للأمم المتحدة أن تفعل إزاء تلك الجريمة وهي الشريك الأصلي فيها وفى كل جرائم الدول الكبرى ضد الشعوب الضعيفة؟؟.
– المستشارة المذكورة قالت في ختام حديثها أن على المجتمع الدولي أن “يراقب” الدول العظمى التي تتجه أنظارها إلى خارج حدودها للحصول على مياه الغير، كما فعلت قبل ذلك مع النفط . ونقول أن المجتمع الدولي دائما يراقب كي يشجع جرائم الكبار، أو يشارك فيها ما أمكنه ذلك فعلى الفقراء أن يختاروا لأنفسهم / وبكل ديموقراطية / وسيلة للخروج من هذا العالم: إما بالجوع، أو بالعطش ، أو بالأوبئة أو بالحروب .. أو بهذه الوسائل جميعا.
الفصل الأول:
إسرائيل: إستراتيجية النار والماء
موجة عاتية من حروب المياه بدأت الموجة الجديدة من حرب المياه على العالم الإسلامي منذ اللحظة الأولى لبدء الحرب على الإرهاب التي أعلنها جورج و. بوش من داخل كاتدرائية حربا صليبية ـ كاشفا عن جوهرها الديني ـ في خطأ نادر الحدوث في العصر الحديث، حيث يتم دوما إخفاء الطابع الديني للإجتياحات الغربية لبلاد العرب و المسلمين ، تحت شعارات آخرى. فلا يطرحون شعاراً يجمع سكان المنطقة كما حدث في الحروب الصليبية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، والتي خرجت منها أوروبا بدستور أكثر إحكاما في مجابهة الإسلام كدين والشعوب الإسلامية كعدو ينبغي إزاحته من الساحة الدولية. كعادته يخوض الغرب حروبه ضدالآخر بشعارات مخادعة تخفى الحقيقة البشعة التي قد تستفز دواعي المقاومة لدى ذلك الآخر فالغرب في حروبه يدعى بأنه ينشر المسيحية في أوساط الكفار الهمج. أو أنه يمارس الرسالة الحضارية للرجل الأبيض . وخلال إغتصابه للأرض والثروات يستعبد السكان أو يبيدهم، بدعوى نشر الديموقراطية في مواجهة الفاشية و النازية و الشيوعية وأخيرا في مواجهة الإسلام.
– حرب المياه تدور في طورها الحديث والمسلح منذ اللحظة الأولى من الحرب على الإرهاب ، وغزو أفغانستان عام 2001 . بالمصادفة ينبع نهر جيحون من أرض أفغانية ويشكل حدودها مع إثنين من جيرانها وجزء من تلك الحدود مع جار ثالث. ونهر جيحون يقع على الحافة الشرقية الإمبراطورية المياه الإسرائيلية، فهو أحدأنهار الجنة الأربعة التي تسعى خلفها إسرائيل .
جاء في الحديث الشريف: (أربعة أنهار من الجنة النيل والفرات وسيحان وجيحان - رواه مسلم والبخاري)
وبسرعة جاءت الحرب على العراق في عام 2003 وبالمصادفة يوجد بها نهر الفرات “أحد أنهار الجنة الأربعة “، ومعه توأم وجوده نهر دجلة .
– وفى العراق بشرت الولايات المتحدة الأمريكية بالشرق الأوسط الجديد الذي سيولد من خلال الفوضى الخلاقة – Creative Chaos . وما زلنا نعيش في أجراء الفوضى( بدون خلاقة ) خاصة منذ تحويل الإحتقانات والمشاريع غير المكتملة للثورات الشعبية إلى ( ربيع عربي ) لم يتبق منه غير الغبار الخانق الناتج عن إنهيارات عظمى في الكيانات السياسية والإجتماعية للدول التي عصف بها إعصار ذلك الربيع .
– عصف إعصار “الربيع ” بمصر، والتي يوجد بها للمصادفة نهر النيل أكبر أنهار أفريقيا وثاني أطول أنهار العالم وهو أيضا بالمصادفة ” أول أنهار الجنة ” وربما أهمها، وهو بالقطع أعذبها وأجملها، على الأقل في عيون المصريين. ومع بدء ” الربيع ” في مصر بدأ البناء الفعلي لسد النهضة في أثيوبيا ، أي مشروع سرقة مياه مصر ، وإخراج ذلك البلد من نطاق الوجود. وما لبثت سوريا أن ضربها إعصار الربيع وجلبت المظاهرات آلاف المسلحين من كل فج عميق، وخلفهم جبهة عالمية للإمداد بالسلاح والإعلام والإسناد السياسي.
– وضاع شعب سوريا التي أصبح العديد من مدنها العظيمة أثرا بعد عين، وتشرد أكثر من نصف شعبها. بالمصادفة فإن سوريا هي إحدى عقد المياه لدى إسرائيل ، فالصهاينة المؤسسون لإسرائيل كانوا يرون أن حقهم في مياه فلسطين موجود في جبل الشيخ .
إعصار الربيع جعل ” ليبيا ” أثراً بعد عين، وقتل القذافي بشكل بشع ومهين وليس معروفا مدى إرتباط ذلك بمشروع النهر الصناعي العظيم الذي أنفق عليه المليارات من دولارات النفط. فهل أدرك أن أي عبث بمياه المنطقة هو عبث بأمن إسرائيل؟؟.
– حارب السادات ليبيا لمدة أربعة أيام بسبب هذا النهر مدعيا أن مشروع النهر الصناعي كان يضخ المياه من خزان للمياه جوفية يمتد إلى مصر و تشاد و السودان ، ولا يخص ليبيا وحدها. وكان السادات في الحقيقة في بداية عملية تصنيع العدو البديل عن إسرائيل بعد أن قرر الإستسلام لها بالكامل، وتلك سياسة توارثها عنه من خلفوه ومازالت سياسة ثابتة للحكم فى مصر وكان ل لقذافي كلمة خطيرة قال فيها: ” أنا مسرور أن العرب قد أدركوا أنها حرب مياه. وعندما كانوا يتحدثون عن المعارك السياسية والعسكرية وأيضا حروب العصابات كنت أقول لهم أن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية لديها هدف واحد هو التحكم في الموارد المائية للمنطقة”
(“من مقدمة كتاب حروب المياه ، الصراعات القادمة في الشرق الأوسط. للمؤلفان جون بولوك وعادل درويش Water wars: Coming conflicts in the Middle East، Adel Darwish and John Bulloch, https://www.marefa.org/images/1/1a/حروب_الماء-_الصراعات_القادمة_في_الشرق_الأوسط.pdf“)
– في صيف 2006 كان التدشين الأكبر لحملة الفوضى الخلاقة . إذ إستغل الجيش الإسرائيلي وجود الجيش الأمريكي إلى جواره في العراق ، وشن حملة كاسحة لإعادة إحتلال جنوب لبنان . ولكن استطالت الحملة لأكثر من شهر ـ على غير عادة إسرائيل ـ وانتهت بنكسة عسكرية لم يختبر مثلها ذلك الجيش قبلاً. وبسبب حزب الله فشلت الحملة الكبرى، فتأجلت إلى حين، مشاريع إسرائيل باستكمال السيطرة على الكنوز المائية في جنوب لبنان. الحملة المباشرة فشلت، فبدأوا بعد سنوات حملة عسكرية عبر سوريا، بأيدي العرب ـ والتيار الوهابي القتالي ـ الذي أثبت بسالة أكثر من الجيش الإسرائيلي، في تحقيق أهداف إسرائيل . لكنه لم يحقق حتى الآن القدر اللازم من النجاح في مجال الحرب المائية في العراق وسوريا، التي إختار العرب لها هدفا طائفيا، كعادتهم في كل ساحة من ساحات حروب الوكالة التي تعهدوا بها، من سوريا إلى العراق إلى اليمن التي ترتبط الحرب فيها بشكل وثيق بمأساة مصر ونهب إسرائيل وأذنابها المتحالفين معها(المشيخات وتركيا) لنصيب مصر من ماء النيل وبيعه كسلعة استراتيجية على نطاق دولي، من خلال مضيق باب المندب. حتى أن الحرب على مصر بقطع مياه النيل عنها والحرب على اليمن بسرقة سواحله ومحاولة تقسيمة يمكن إعتبارهما حربا واحدة.
– القوات الأمريكية الآن/ مارس 3017 وبمعونة ميليشيات ديموقراطية تابعة لها ، تحاول الإستيلاء على سد الفرات في مدينة الرقة السورية. والسد يحتجز أكبر كمية مياه على الأرض السورية. وتعتزم أمريكا بناء أكبر قاعدة جوية في سوريا بالقرب من ذلك السد في مكان قاعدة جوية للجيش السوري. يؤكد ذلك حقيقة حرب المياه التي تخوضها إسرائيل بقوتها وقوة حلفائها الأمريكيين والعرب الجهاديين والعرب النفطيين.
دولة النار والماء
– يرى واضعوا الاستراتيجية الإسرائيلية محورية المبدأ القائل بأن المياه مصدر استراتيجي تحت السيطرة العسكرية ويمكن فهم تلك الصياغة الملتبسة بطرق متنوعة. وذلك شيء مقصود حتى لا تنكشف النوايا بشكل واضح يخدم خصوم إسرائيل، فكما يقال فإن إسرائيل لا تكتب خططها على الورق. ولكن مؤسسي إسرائيل وقادتها لم يتركوا مجالا للشك بأن هدفهم الأكبر هو الاستحواذ على مصادر المياه في فلسطين وما حولها من الدول. فقد كان المقترح الأول للحركة اليهودية هو تأسيس دولة لهم تمتد من النيل إلى الفرات. ولكن ذلك الهدف تصادم في بادئ الأمر مع مصالح الدول الاستعمارية الكبرى. فاكتفوا بالعمل المتدرج حتى وصلوا إلى الوضع الراهن من السيطرة الكاملة على) نيل مصر (، وجزء كبير من مياه نهري الفرات ودجلة) بيد الحليف التركي (، وكل مياه منطقة الشام الكبير إلا القليل منها تركته للسكان الأصليين، ولكن إلى حين.
– الشرق الأوسط الجديد سوف ترسم حدوده طبقا لمطالب إسرائيل في المياه، ويليها معايير أمن إسرائيل ثم معايير سيطرتها الكاملة على المنطقة من المحيط إلى الخليج، مع ثرواتها وفى مقدمتها المياه. في أقصى المغرب العربي تسعى إسرائيل إلى فصل جنوب موريتانيا وضمه إلى السنغال بما فيه نهر السنغال المتنازع عليه بين الدولتين ويشكل الحدود بينهما. كما أن الجزء الموريتاني المهدد بالإنسلاخ يضم الوادي الخصيب للنهر.
– ويؤكد ذلك ما ذهب إليه خبراء عرب من أن هدف إسرائيل هو إضعاف الدول العربية والإستيلاء على مواردها المائية. ويلاحظ أيضا وجود الوهابية القتالية في السنغال والتي إستدعى وجودها جيوش فرنسية وأمريكية وحتى إماراتية بذريعة محاربة التطرف، في نسخة مكررة لدور الوهابية القتالية في إسناد الخطة الإسرائيلية الغربية وتبرير عملية زحفها على المياه العربية والإسلامية، من أقصى مشرق الأرض “وسط آسيا” إلى أقصى مغربها “السنغال في غرب أفريقيا”. فالوهابية تقتل الناس “لأخطاء” تراها في عقائدهم، وإسرائيل تصلح ما تراه “أخطاء” في الجغرافيا جعلت لدى المسلمين أنهارا يحتاجها اليهود، ويعمل الطرفان جنبا إلى جنب في نفس الميادين ضمن برنامج يبدو متكاملا ولا ينفصل عن بعضه، فهل يمكن تسميته الجهاد في سبيل أنهار إسرائيل؟؟.
– تلك الخطة في حال إكتمالها ـ وهي على وشك ذلك ـ تهيئ لإسرائيل إنطلاقتها للسيطرة على شئون العالم والتحول من الهيمنة على النطاق الإقليمي) العربي (إلى الهيمنة على نطاق دولي، لتكون السيادة العظمى فيه للقوة اليهودية العالمية بشكل غير مستتر. والقفز في خطوة متوقعة على نهري سيحون وجيحون في آسيا الوسطى يمثل تقدما ملموساً في هذا الإتجاه. فحتى قبل إعلانها إشتملت خطط إنشائها على مخططات مائية طموحة وحاسمة، حيث أن الماء يعنى للحركة اليهودية ولإسرائيل فيما بعد، الإستيطان والتوسع أي القوة بمعنى أدق. والمياه على الدوام كانت موجودة كدافع أساسي خلف جميع حروب إسرائيل. فالجيش الإسرائيلي يفتح دوما الطريق أمام مياه المنطقة وأنهارها كي تصب في أراضي إسرائيل التي لا تعرف ولا تعترف بالحدود الثابتة. فتتحول المياه إلى إنتاج زراعي وطاقة كهربائية، وإلى تبريد المفاعلات النووية أي طاقة تدعم قوة الجيش في نهاية الأمر.
– ذلك الجيش تحت سطوة قوته النارية زحف فوق مياه البحر الأبيض ليحتل حقول غاز جعلت إسرائيل أحد كبار المصدرين لتلك السلعة الاستراتيجية ـ وبالطبع جيش أقوى دولة في المنطقة لم يكن ليبالي بمصالح كيانات كرتونية في لبنان أو مصر أو قبرص. فلا يسألن أحد أين نحن.. فمكاننا معروف. فمن وجهة نظر صهيونية فإن العرب يعيشون بفضل أخطاء جغرافية !! منحتهم النفط فى جزيرة العرب، وجعلت مصادر المياه الكبرى خارج أراضي فلسطين. وإسرائيل بكل إجتهاد وبشكل ثابت تصلح تلك الأخطاء!! وتعيد ثروات الماء والطاقة إلى مكانها الصحيح.. إلى الجيب الصهيوني وإلى أرض إسرائيل. وسائل إسرائيل لإصلاح أخطاء الجغرافيا المائية: حروب ـ إنقلابات ـ ثورات ربيعية ـ فوضى جهادية مسلحة للسيطرة على منابع الأنهار.
– مهارة إسرائيل في تغيير ملامح الجغرافيا لا تقل عن مهارتها في تزوير حقائق التاريخ مثل قولهم أن بنى اسرائيل هم بناة الأهرامات، أو أن هتلر أعدم في غرف الغاز عددا من اليهود يزيد عن عددهم في كل أوروبا، ويقترب من إجمالي عددهم في العالم كله. في مجال حرب المياه أثبتوا مهارة في تغيير حقائق الجغرافيا الطبيعية مثل تحويل مصب النيل من البحر الأبيض إلى سواحل شرق أفريقيا . كما أن لهم مهارة في تغيير الجغرافيا السياسية مثل مشروعهم قيد التنفيذ لتجزئة العالم العربي، الذى أنجزوا منه أجزاء هامة، فقسموا واقعيا عدة دول، كالعراق وسوريا وليبيا والسودان والصومال ومصر، وأجلوا الإعلان الرسمي عن الكثير من التقدم حتى لا تشعر شعوب المنطقة بالخطر، فربما خطر في بالها يوما أن تقاوم.
- لتغيير الجغرافيا الطبيعية و السياسية تستخدم إسرائيل طيفا واسعاً من الوسائل ، منها: الهجوم العسكري المباشر ، الإنقلابات العسكرية ، الثورات الشعبية التائهةوالمجهضة(الربيع العربي)،الحروب بالوكالة والفتن (أي حروب العدو ضد نفسه بإستخدام قوة الخصم المادية والمعنوية كسلاح ضد الخصم ذاته) .
إسرائيل: وسائل التغيير في حرب المياه
1 ـ إنقلابات الجيش المصري: ـ إنقلاب يوليو 1952 وافق على إنفصال السودان عن مصر عام 1956، فكانت تلك أهم خطوة في سلسلة وصلت في نهايتها إلى فصل النيل عن مصر بواسطة سد النهضة في 2017. ــ ثورة مصر التائهة 25 يناير 2011 ــ أو ثورة المجلس العسكري ــ كانت أفضل ستار كي تبدأ أثيوبيا وإسرائيل بكل قوة في تنفيذ سد النهضة على النيل الأزرق. ومن الأدق تسمية تلك الفترة بأحداثها جميعا بثورة المجلس العسكري الذي أدار كافة تفاصيلها وركب فوق الجميع وساقهم مستغلا مجموعة من الموبقات في التكوين الأخلاقي والنفسي للنخبة المثقفة والسياسية ــ حكم الرئيس مرسى) مايو 2012 ــ يوليه 2013 (: الذى أظهر ضعفاً وتواطئا مع إسرائيل وأمريكا. فأعلنت أثيوبيا عن تحويل مجرى النيل الأزرق في أعقاب مغادرته لأثيوبيا بعد زيارة مهينة له ولمصر. ــ إنقلاب الجيش عام 2003 ــ كان تدشينا لمرحلة الفصل النهائي بين مصر ونهر النيل .
2 ـ الحروب المباشرة: حرب 1967: من أهدافها الرئيسية كان تدمير المنشئات العربية على الجزء الأعلى لنهر الأردن، وسد خالد بن الوليد. وفيها إحتلت إسرائيل مصادر مياه نهر الأردن ومرتفعات الجولان.
3 ـ غزوات إسرائيل لجنوب لبنان: 1978 ـ 1982 ـ 2006 الهدف الأساسي كان إكمال السيطرة على نهر الليطاني ونهر الوزاني ، وإبعاد أخطار المقاومة الفلسطينيةعامي 78 و 82 ثم حزب الله عام 2006.
4 ـ الفتن والحروب بالوكالة أولا ــ على سوريا 2011: باستخدام الوهابية المسلحة، والدعم المالي والتسليحي واللوجستي لمشيخات النفط وتركيا والأردن. وأهم أهداف الحرب هو أهدافها المائية، ومنها تأمين مشاريع نهب المياه من الجولان وجبل الشيخ) الذي قال عنه بن جوريون أنه أبو المياه لفلسطين (، وبحيرة طبريا، وأعالي أنهار الأردن واليرموك. فسوريا هي عقدة تجمع المياه الحيوية لإسرائيل.
– الحرب على سوريا في حالة نجاحها ستفتح الباب كاملا لحرب ناجحة على جنوب لبنان لإزاحة حزب الله، وتأمين المياه المنهوبة من ذلك الجنوب، واستكمال السيطرة على نهر الليطاني، وهو أكبر ما يشغل بال الاستراتيجية العسكرية / المائية لإسرائيل. تدور الحرب المائية على سوريا تحت شعار الفتنة المذهبية التي ترفعها عاليا الوهابية القتالية بجذورها السعودية وحلفاؤها في تركيا ومشيخات الخليج النفطي.
– ذكرنا أن القوات الأمريكية في سوريا تعتزم إحتلال سد الفرات الذي يحتجز أكبر كمية مياه موجودة في سوريا ـ وذلك واحد من أهم الأهداف الإستراتيجية لتلك الحرب، إن لم يكن أهمها، فمن هناك يبدأ الأمن الإسرائيلي في سوريا، ومنه يمكن التحكم في كل الوضع السياسي القادم في البلد، وإدارته لصالح الإمبراطورية العربية لإسرائيل.
– وسوريا ـ طبقا لتخطيط إسرائيلي تركي قديم نسبيا ـ مرشحة لأن تكون مركزا لتجميع مياه نهري “سيحون وجيحون” القادمة في خط أنابيب من وسط آسيا. ومن سوريا ينقسم الخط إلى فرعين،أحدهما يعبر الأردن إلى إسرائيل، وغرب السعودية وصولا إلى المدينة المنورة) حيث حدود إسرائيل التي تطالب بها غرب سكة حديد الحجاز والخط الثاني يبدأ من سوريا يصل إلى الكويت والمنطقة الشرقية من السعودية وقطر والبحرين والإمارات وعمان. التكلفة الإجمالية للخطين ـ وقت إعداد المشروع ـ تعدت مبلغ 20 مليار دولار.
“عن بحث بعنوان: الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية ـ أمل سليم الوزير ـ جامعة الأزهر ـ غزة“
– ومفهوم أن إيراد أسماء الدول الخليجية يعنى أنها ستتكفل بدفع تكاليف المشروع. والأهم أن واجهتهاالإسلامية ستكون ستارا لوجود إسرائيل كمحرك، ومستفيد أكبر من المشروع، الذى يعتبر أكبر خطوة لإثبات هيمنتها الدولية حتى وقت تنفيذ ذلك المشروع، لإخضاع وسط آسيا على حدود الصين وروسياوضمها إلى إمبراطورتيها العربية.
– مشروع الإستيلاء على مياه سيحون وجيحون أسماه المخططون بمشروع خط أنابيب السلام !!! فما هي قصته؟؟. يشابه المشروع خط أنابيب زمزم !!الذي طرحه السادات بعد ذلك على الإسرائيليين في هجومه السلمى على الكنيست عام 1977 . فكان إسم زمزم هو سوء إستخدام جديد للإسلام، كما هو شائع في سلوك أنظمة السوء، وجماعات السوء ، التي تعمل ضمن مخططات إسرائيل ، بل وتقاتل من أجلها تحت شعار الإسلام والغيرة على العقائد الصحيحة . ويزداد تشدد الشعار مع خطورة المشروع وأهميته لإسرائيل وأطماعها المائية والاستراتيجية. – خط أنابيب السلام {الذي لا صلة له بالسلام ولا بالإسلام} هو جزء من مشروع حرب لا هوادة فيها ضد المسلمين من شاطئ الأطلسي وحتى هضبة البامير فى آسيا الوسطى. أما جانبه الإسلامي فهو وجود تركيا كشريك “إسلامي” إلى جانب إسرائيل ” اليهودية الصهيونية “.
– تركيا شريك في مشروع إسرائيل التوسعي على الجبهتين الشرقية والغربية. الشرقية في إتجاه وسط آسيا ذو الأغلبية العرقية التركية والمسلمة. وغربا في إتجاه العالم العربي ذو الغالبية المسلمة ” السنية “، والذي خضع لعدة قرون للحكم ” الإسلامي !!” التركي. ولتركيا طموحات بأن تصبح عضوا في النادي المسيحي المسمى بالإتحاد الأوربي. وتأمل في دعم إسرائيلي لها في ذلك المسعى. ورغم أن تركيا عضو في حلف الناتو، إلا أنها وبدون دعم إسرائيلي فلن تتمكن من الإحتفاظ بأي مكانة في أوروبا، كما أنها ستخسر الدعم الأمريكي الضروري لبقاء تركيا موحدة كما هو ضروري لبقاء إسرائيل على قيد الحياة. وتركيا معادية تاريخها لإيران “الشيعية” التي خاضت ضدها حروبا وعداوات دامت لقرون. وإيران هي داعم أساسي لحزب الله (حارس كنوز المياه في جنوب لبنان) وإيران داعم أساسي لنظام الأسد الذى يمثل قناة توصيل لوجستي بين إيران وحزب الله. وهكذا أصبحت إيران عقبة أساسية أمام الخطط المائية لإسرائيل في جنوب لبنان وسوريا.
– تظن تركيا أنها يمكن أن تصعد دوليا بصعود إسرائيل، وبمشاركة حقيقية معها ـ وليس بتلك الشراكة التي لا تعنى سوى الإذعان والتبعية كما يفعل العرب مع إسرائيل.
في عام 1987 رفع رئيس الوزراء التركي ” تورجوت أوزال” شعار(برميل ماء مقابل برميل نفط) مشيرا إلى شرعية إحتجاز تركيا لمقدار 25 مليار متر مكعب سنويا من مياه نهري دجلة والفرات كانت من نصيب شعبي سوريا والعراق. ومعنى شعاره هو أن الأنهار التى تنبع من تركيا هي ملك خالص لها، ومن حقها أن تبيع الماء كما يبيع العرب النفط، وليكن السعر برميلا ببرميل. وطرح أوزال نظريته المشئومة ذات الأصل الصهيوني بأن الماء والنفط سلعتان استراتيجيتان، وبما أن النفط يباع ولا يوزع مجانا، فكذلك ينبغي أن تكون المياه.
– ترى إسرائيل أن عقبات الجغرافيا والسياسة ينبغي ألا تقف عائقا أمام حصولها على حاجاتها من المياه من داخل الإقليم (يقصدون هنا حصول إسرائيل مجانا على المياه العربية في إطار تنظيم الموارد المائية للمنطقة “!!”). ذلك “التنظيم” يستلزم إستخدام القوة حتى يكون الحصول على الماء مجانيا. ولكن تأجل تنفيذ مشروع خط أنابيب السلام بسبب رفض الدول العربية بحث موضوع التعاون الإقليمي في موضوع المياه قبل الإنسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي المحتلة. بالطبع تغير الموقف العربي حتى وصل حاليا إلى إنشاء تحالف عسكري للدفاع المشترك مع إسرائيل بذريعة الهجوم على الإسلام السني المتطرف “الوهابية القتالية”، والإسلام الشيعي الداعم للإرهاب (إيران ـ حزب الله). إذن لم يعد هناك أي عائق جدى ـ داخل المنطقة العربية ـ أمام أي إنخراط للمشيخات النفطية في تمويل خط أنابيب السلام أو أي مشروع إسرائيلي آخر. ولكن مازالت هناك مشكلات لا يستهان بها في مشروع تحويل مجرى النيل إلى الشاطئ الأفريقى المطل على باب المندب، وما سينبني عليه من تغييرات واسعة في الجغرافيا السياسية للمنطقة، كما سيأتي بحثه. – يشبه كلام إسرائيل عن خط أنابيب السلام، ما قالوه سابقا عن مياه النيل وأنهم في حاجة إلى واحد في المئة من إستهلاك مصر، أو نصف من المئة من مياه النيل كله، حتى ينتهي تماما عجز المياه لديهم. ولكن إنتهى بهم المطاف أن أخذوا كل مياه مصر(النيل الأزرق)، التي عليها أن تشترى إحتياجاتها من بنك المياه الذي ستقيمه إسرائيل لبيع مياه سد النهضة الأثيوبي. بل وتطارد إسرائيل خلف منابع النيل الأبيض في الهضبة الأفريقية، وباقي مياه حوض النيل.
– ولن يكون مصير نهري سيحون وجيحون بأفضل مصير نهر النيل، وكذلك لن يكون مصير شعوب جمهوريات وسط آسيا بأفضل من مصير شعوب العراق وسوريا ومصر واليمن، الذين راحوا ضحايا لأنهار الجنة، النيل والفرات، ومعهما دجلة أيضا، قال شاعر جاهلي:(ومن لم يزد عن حوضه بسلاحه يهدم.. ومن لا يظلم الناس يظلم)ويكفينا تطبيق الشطر الأول من بيت الشعر. فنحن أعجز عن مجرد الدفاع عن حقوقنا ناهيك عن ظلم الغير، ويكفينا ظلمنا لأنفسنا.
– وربما يتم تسويق مشروع (خط أنابيب السلام) على أنه مشروع إسلامي يوصل مياه سيحون وجيحون إلى المدينة ومكة. فتركيا والسعودية هما أكبر دولتين إسلاميتين لهما تاريخ في خدمة الحرمين الشريفين!! (، وأن وجود إسرائيل هو لمجرد العون الفني) بالخبرات اليهودية (التي يحلو لحكام العرب التفاخر بها). وبالتالي فإن المساس بالمشروع سيعتبر عدوانا على المقدسات الإسلامية وأمنها المائي. سبق وأن رأينا دجل السادات (عام 1977) حين أسمى مشروعه للتفريط في جزء من نصيب مصر من مياه النيل بمشروع زمزم. وبعد عامين شرع في حفر ما أسماه (ترعة السلام) لتوصيل مياه النيل إلى صحراء النقب عبر شبه جزيرة سيناء.
– المخطط الإسرائيلي الأكثر حنكة وذكاء إقترح أن تعطى تلك القناة جزءا من مائها لغزة وجزء آخر للأردن، حتى تتحرج مصر من قطعها إذا ساءت أمورها يوما مع إسرائيل. النتيجة تقول إن الإسرائيلي لا يتحرج من إتخاذ العربي والمسلم / دروعاً بشرية ودينية / لحماية مصالحه. ونفس القاعدة نراها بوضوح أعظم في مشروع تحويل ماء النيل صوب إسرائيل. إذ أن هناك نصيبا سوف يصل إلى مشيخات النفط، وحتى إلى مكة والمدينة المنورة. فالصدام مع مشاريع المياه الإسرائيلية سوف يعنى الصدام مع المقدسات الإسلامية نفسها ومع حق زوارها في الحصول على المياه القادمة من الأنهار الإسلامية / أنهار الجنة الأربعة / بل ويستطيع حكام النفط، وضباط الهوان في مصر بأزهرهم “الشريف سابقا “، أن يجادلوا بإسلامية التفريط في أنهار المسلمين، بل وإتهام من يعترض بأنه خرج عن “صحيح الدين”.
– وشراكة مالية مع تركيا وربما شراكة مائية أيضا في ماء النيل، وفى تمويلها لسد النهضة، وفى تعزيزها للدفاعات الجوية عنه، بالمشاركة مع إسرائيل، هو تأكيد لإسلامية المشروع. فكل ما يخدم أهدافا حيوية لإسرائيل أصبح بالضرورة يخدم “صحيح الدين” و”العقيدة الصحيحة” حسب الإسلامين التركي والنفطي.
– سوف نرى أن التغييرات الجذرية التي حدثت في موقف الدول العربية من إسرائيل، وتحول العداوة الظاهرية إلى تحالف بل وتبعية حقيقية. وأن ذلك سيترك أثرا ملموسا في المشروع التركي / الإسرائيلي( خط أنابيب السلام)، من حيث تحويل مسار خط الأنابيب المائية إلى طرق أقصر وأسهل وأقل تكلفة. إنها سوف تجعل المشروع أسهل في جانبه العربي التركي. ولكن في وسط آسيا، فهناك معطيات أخرى قد تشكل عرقله ـ وربما في ظروف خاصة ـ قد توقف المشروع.
الفصل الثاني: أفغانستان في دوامة حرب المياه
العلاقة بين حرب الأفيون الثالثة، وحرب السيطرة على أنهار الجنة الأربعة
تحت ستار كاذب بالحرب على الإرهاب شنت الولايات المتحدة حربها العدوانية على أفغانستان. وعرف وقتها سببان حقيقيان لذلك العدوان:
1 ــ الأول هو نقل النفط والغاز من آسيا الوسطى إلى السوق الدولية في أنابيب تعبر أفغانستان وتصب في ميناء جوادر الباكستاني على بحر عمان.
2 ــ والسبب الثاني والأهم هو فرض زراعة الأفيون التي أوقفتها حركة طالبان ، والسيطرة على المحصول وخطوط توزيعه دوليا.
– لم ينتبه أحد وقتها إلى أن يكون تحويل مصبات نهرى سيحون وجيحون صوب إسرائيل ، كان أحد دوافع الغزو غير المعلنة بالطبع. وهذا الدافع يفسر الكثير من غموض النقاط التى كانت ملتبسة خلف ذرائع أخرى وقتها.
– أهم التحركات غير المفهومة كان التركيز الغربي على فصل شمال أفغانستان عن جنوبها، ودعم تحالف الشمال الذي كان يقوده أحمد شاه مسعود، ويضم معظم القوى الحزبية الأفغانية في حربها على حركة طالبان. القوى الإثنية الأساسية في التحالف كانت الطاجيك والأوزبك، وهما إمتداد لنفس الإثنيات على الجانب الآخر من الحدود مع جمهوريات آسيا الوسطى، ونعنى بهما جمهوريتي طاجيكستان وأوزبكستان. ونهر جيحون يمثل خط الحدود مع طاجيكستان وأوزبكستان وجزء من الحدود مع تركمانستان.
-أول هزيمة عسكرية لقوات طالبان في حرب 2001 كانت في مدينة قندوز شمال أفغانستان. بتدخل جوى كاسح للطيران الأمريكي والقوات الخاصة الأمريكية، فاستسلمت قوه طالبان الرئيسية هناك بشرط ضمان عودتهم إلى جنوب البلاد. ولكن قائد الميليشيات الشيوعية السابق عبد الرشيد دووستم غدر بهم مرة وهم مسجونين داخل حاويات حديدية، ومرة أخرى بقصف جوى أمريكي للمسجونين منهم في قلعة بانجي. وشاركه الأمريكيون في دفن الجثث في حفر جماعية فى الصحراء، وأعقب ذلك مجازر عرقية ضد الأقلية البشتونية في شمال أفغانستان، في محاولة لإزالة التواجد البشتونى أو تخفيفه.
– في الوقت الحالي تم حقن داعش داخل الجسد الأفغاني بواسطة وهابيين عرب. فتحولت قوة من المجاهدين الأوزبك إلى الداعشية ومعهم عدد من الأفغان. والمطلوب من داعش في أفغانستان هو نفس المطلوب منها في بلاد العرب أو فى الجانب الآخر من الحدود الباكستانية. أي إشعال الفتن الداخلية وصرف الأنظار عن الزحف الأمريكي، مع إسرائيل و حلف الناتو، على أفغانستان وآسيا الوسطى، وحتى في السنغال في غرب أفريقيا.
– تنظيم داعش إتخذ مرتكزا في شمال أفغانستان، في إطلالة لا تبشر بخير على نهر جيحون. حيث الإمتداد العرقي للدواعش الأوزبك. فالمتوقع أيضا دورا للدواعش في آسيا الوسطى مشابه لدورهم في العراق وسوريا حيث كنوز المياه التي تزحف إسرائيل نحوها في العراق والشام. وفى الحالتين فإن وجود داعش هام لتنفيذ البرنامج المائي بوسائل عسكرية، مستكملا دور القوات الأمريكية والأوربية والحلفاء العرب النفطيين الذين يحسنون توجيه داعش وأخواتها بإستخدام مثيرات طائفية ومذهبية ودينية.
– نفس التركيبة العسكرية موجودة حول نهرى سيحون وجيحون من أفغانستان إلى جمهوريات الخمسة في آسيا الوسطى ، وذلك يستتبع أن يكون لإسرائيل / إلى جانب “حقها” في المياه / الحق أيضا في الإشراف السياسي أو حتى الحق في تعيين حكومات المنطقة.
بحر.. ونهران من الجنة
النهران الأساسيان في آسيا الوسطى هما سيحون وجيحون، ويصبان في بحر آرال وهو رابع أكبر بحر في العالم، وهو مستهدف ضمن المشروع الإسرائيلي التركي، الباحث عن الفائض المائي من النهرين المذكورين . بحر آرال يعاني من مشاكل معقدة، بعد أن أساء السوفييت إستخدام المياه العذبة للأنهار التي تغذيه. وأفرطوا في ري الصحاري لزراعة القطن والحبوب. والنتيجة أن مستوى بحر الآرال إنخفض من 53 متر فوق سطح البحر إلى 36 متر فقط. فتقلصت مساحة سطحه إلى النصف، ونقص حجمه إلى ثلاثة أرباع. واعتبرت المراكز البحثية للأمم المتحدة أن ذلك يعد أكبر كارثة بيئية على سطح الكوكب. وأن تأثيراتها الصحية خطيرة على السكان القريبين فانتشرت فيهم الأوبئة، وتغير المناخ إلى قاري جاف.
– الدول الغربية دفعت الأمم المتحدة لتقديم مقترحات لإعادة العافية إلى بحر الآرال الواقع بين قاراخستان وأوزبكستان: ــ فرأينا الحكومة القازاخية تخطط لبناء سد يخفف من هدر المياه. ــ والأمم المتحدة تطرح مشروع (الدولة السادسة) ويعنى أن يكون بحر الآرال دولة سادسة تضاف إلى الجمهوريات الخمسة. والفكرة الخبيثة هنا هو إستقطاع جزء من المياه المخصصة لكل دولة كي تذهب إلى بحر الآرال كصاحب حق مستقل كأي دولة فى المنطقة،أي أنها واقعيا مياه زائدة عن حاجة الخمسة الآخرين. وتلك الزيادات هي ما تتكلم عنه إسرائيل في مشروع أنابيب السلام، أي أن إسرائيل فعليا هي تلك الدولة السادسة التي يتكلم عنها المشروع الأممي. ولكن الأطماع الإسرائيلية جاءت في صورة مشروع لإنقاذ بحرالآرال تقدمت به هيئه دولية محترمة !! تمثل الشرعية والقانون الدوليين.
– محترم آخر ، هو البنك الدولي ، نراه يستخدم نفس تعبيرات رئيس وزراء إسرائيل حين يطالب دول آسيا الوسطى بإنشاء سوقاً للمياه ، أو )بنك للمياه( مماثل لذلك الذى إقترحه نتنياهو لمياه النيل المحتجزة خلف سد النهضة والتي تمثل عماد الحياة لشعب تعداده 90 مليون إنسان يعيش في بلد إسمها مصر بنك المياه أو سوق المياه إلى جانب الدراسات والمقترحات الدولية الأخرى، هي إرادة سياسية دولية في ثوب علمي ، للسيطرة على مياه الإقليم لصالح إسرائيل ، كما أهدوا فلسطين من قبل على طبق من ذهب إلى هؤلاء اليهود ، وضمنوا لهم التفوق المطلق على كل العرب والمسلمين.
– الإتفاقات تشمل حاليا الجمهوريات الخمسة، على أن تضم أفغانستان في وقت لاحق كونها تشغل 12% من حوض بحر الآرال (وذلك لضمان إدارة الموارد المائية للمنطقة بشكل أفضل )، حسب التعبير الدولي المنافق. تعريفات: [نهر جيحون(آمو داريا): ينبع من الجزء الأفغاني من هضبة البامير، ويشكل حدود أفغانستان مع طاجيكستان، وأوزبكستان وجزء من تركمانستان، ويصب في بحر آرال.] [نهر سيحون( سير داريا): ينبع من قرغيزستان ويمر من أوزبكستان وقازاخستان، ويصب فى بحر آرال. بحر آرال: أسماه العرب بحر. ويعتبر رابع أكبر بحر في العالم خوارزم.] القوات الأجنبية والغربية.. تحاصر مياه المسلمين في آسيا الوسطى تعتبر أوزبكستان أقوى جمهوريات آسيا الوسطى، وأكثرها تعدادا، وفيها يقع الجزء الأكبر من بحر آرال. وجزء كبير من نهر جيحون. – عنصر إضافي يرشحها لمركز الحليف الأول لإسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة، وهو نظامها الذى يمتاز بالعنف والإستبداد والفساد. فهو أقسى نظام بوليسي في المنطقة، وأكثرها عنفا في ملاحقة الإسلاميين واستئصالهم. ربما كان ذلك سببا في ظهور الوهابية القتالية في ذلك البلد بواسطة المهاجرين الأوزبك القدماء إلى بلاد الحجاز، كرد فعل مكافئ لذلك النظام. تعددت القواعد العسكرية في المنطقة لروسيا والولايات المتحدة والهند وعدد من الدول الغربية. وفوق ذلك نشاط البنك الدولي(أحد مؤسسي مأساة سد النهضة)والأمم المتحدة بمؤسساتها للتنمية والبيئة. كل ذلك الزخم يضاعف من سوء الأوضاع السياسية في المنطقة ويوترها، وهي المليئة بالتناقضات العرقية وتضارب المصالح، والفساد بكافة أنواعه والتخلف الاقتصادي واهتراء البنية التحتية، خاصة المتعلق منها بالمياه في الري والصرف والإستهلاك المدني، والآثار المترسبة من الإحتلال السوفيتي وسياساته الإقتصادية التى راعت وحدة تكاملية في المنطقة تحت سلطة مركزية كاسحة. فكانت المياه والسدود في جانب، ومشاريع الزراعة الواسعة الإستعراضية للقطن والحبوب في جانب آخر. كل ذلك خلق أزمة مياه حادة. تحتاج إلى إعادة ترميم للبنية التحتية، وإعادة النظر في النشاط الزراعي وتقنياته في الري والصرف وبناء السدود. وفى ذلك مجال واسع للتدخل الأجنبي من خلال أزمة المياه، بما يجعل فرص إسرائيل أكبر في تنفيذ أطماعها المائية، مستفيدة من حماية يوفرها تواجد عسكري للحلفاء في قواعد عسكرية في دول آسيا الوسطى، وأفغانستان المحتلة. ظاهريا يبدو المناخ الإقليمي والدولي مساعدان للشروع في نهب مياه نهرى سيحون وجيحون أكثر مما كان وقت أن بدأت إسرائيل في برنامجها العملي لنهب ماء النيل وبناء سد النهضة. – ولكن أليس ما سوف يوفره سد النهضة من مياه لإسرائيل كاف ويغنيها عن التفكير في مياه سيحون وجيحون البعيدين في مشروع باهظ التكاليف ؟؟. – الطبيعة الإستعمارية المتوحشة للصهيونية والغرب الاستعماري عموما، ترى أن الثروات الطبيعية لدى الدول المتخلفة) خاصة الإسلامي منها (هي نتيجة) أخطاء جغرافية وجيولوجية ينبغي إصلاحها. وأن الثروات القيمة والنادرة لا ينبغي أن تتواجد في أيدي متخلفة لا تعرف قيمتها ولا تعرف كيف تستغلها. كما أن المياه في طريقها لأن تصبح أولى السلع الاستراتيجية في العالم ـ تسبق في ذلك النفط والمخدرات ـ نتيجة للتغيرات المناخية وشح المياه وتزايد عدد السكان ـ فلا بد والحال كذلك، من أن يتم تجميع تلك الثروة ومحاولة إحتكارها والسيطرة على منابعها وخطوط توزيعها، عبر وسائل نقل برية وبحرية والسيطرة سياسيا على البلاد التي إبتليت بزيادة في المياه، وأيضا إبتزاز البلاد الأخرى التي هي في حاجة لأن تشرب المياه حتى تظل على قيد الحياة. إنها قصة النفط تتكرر مع سلعة أخرى لا يستطيع الإنسان أن يحيا بدونها. النفط قد يكون فقدانه معادلا للتخلف، ولكن في حالة الماء فإن فقدانه لا يعنى سوى الموت وإندثار حضارات لا تمتلك ما يكفي منه. وحالة مصر ستكون أمثولة في التاريخ ــ على غرار أسطورة قارة أطلانطا الغارقة ــ فمصر نموذج لما هو قادم وسوف يتكرر في أماكن عديدة من العالم) حيث توجد أنهار متدفقة وشعوب خامدة (. ــ نجاح إسرائيل المذهل في مصادرة ماء نهر النيل، لا يعنى أنها سوف تتخلى عن مياه آسيا الوسطى وأنهار الجنة هناك. والذي سوف يتغير في المشروع) التركي/ الإسرائيلي (المسمى بخط أنابيب السلام هو خريطة سير أنابيب نقل المياه، والموانئ البحرية التي سوف تسلكها، والتي ينبغي السيطرة عليها بكافة وسائل القهر الإقتصادى والعسكري والسياسي) وتلك هي كلمة السر لحلف الناتو الإسلامي. ولدينا الآن نموذج فى حرب اليمن، للسيطرة على موانئه البحرية وعلى مضيق باب المندب، والإمساك بأعالى البحر الأحمر عند خلجان العقبة والسويس والجزر الواقعة هناك تيران وصنافير مثالاً.
بعد حرب الأفيون: هل تصبح أفغانستان ضحية لحرب المياه؟؟ القوة هي التعبير الأوحد عن العدالة في هذا العالم. وتوزيع الثروات الطبيعية تخضع أولا لهذا المعيار. والنفط نموذجا فريدا في العصور المتأخرة. ويأتي الماء ليعيد القصة ولكن بوحشيه أشد، حيث تتعلق الحياة نفسها بتلك “السلعة”، وليس رفاهية العيش فقط. الأضعف أو المنهزم في الحرب يتحمل دائما كافة الأعباء المادية والمعنوية مع لعنة أبدية من التاريخ الذي يكتبه الأقوياء والمنتصرون. فالضعفاء يتلقون الضربات العسكرية ثم تتهم الضحية دوما بأنها سبب المشكلة، وأن المجرم هو المنقذ الشهم الذى يضحى لأجل مصلحة العالم. هكذا كان الحال في المخدرات والنفط.. والآن.. في الماء . حارب الأفغان ضد السوفييت وأسقطوا(إمبراطورية الشر). ولكن لم تتحرر أفغانستان، بل جاءها إحتلال جديد من الأمريكيون وحلف الناتو وعرب نفطيون، وآخرون عرب متسولون ولم تتحرر الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى، بل إنفتحت أبوابها أمام الإمبريالية الأمريكية الصهيونية، والماء هو أهم ثرواتها المستهدفة. وأفغانستان التي كانت منطلقاً لتدمير السوفييت. مازال الغزاة يقاتلون شعبها، لتمكين الشركات العظمى من نهب ثرواتها، وثروات جيرانها الخمسة في الشمال. – مشروع خط أنابيب السلام الذى طرحه عام 1987 الرئيس التركي تورجوت أوزال بعد الإتفاق مع الإسرائيليين ، يقضى بنقل مياه سيحون وجيحون فى خط أنابيب يصل إلى سوريا ثم يتفرع منها فى فرعين صوب إسرائيل ومشيخات النفط. بعد إحتلال أفغانستان، وتشييد مينا جوادر في باكستان على بحر عمان، والتغيير الكبير في أوضاع المنطقة العربية وظهور التحالف العربي الإسرائيلي والحديث عنه علنا. والكوارث التي حلت بالمنطقة بعد فشل الربيع العربي ، فقد يصبح ميناء جوادر هو المنفذ الرئيسي لنزح مياه النهرين( سيحون وجيحون) ونهر هندوس من باكستان مرشح أيضا لنفس المسار ـ وإعتبارها فروعا من بنك المياه الدولي الذي تبيع فيه إسرائيل ما نهبته من مياه المصريين. فذلك أسهل وأرخص كثيرا من الإقتراح الأصلي الذي ينص على مد خط أنابيب من آسيا الوسطى وصولا إلى سوريا. ــ ثمن ذلك سيكون من دماء الأفغان. وإنها لصورة شاعرية تجسد روح العصر إذا نظرنا إلى خط أنابيب المياه وهو يسير إلى جانب خط الغاز وخط النفط القادمان من تركمانستان، ويعبرون أفغانستان جميعا، وصولا إلى ميناء جوادر في باكستان. ترجمة الصورة تعنى إستمرار الحرب لإخضاع شعب أفغانستان لتأمين خطوط الماء والنار. صورة مثالية لروح العصر وحال الشعوب تحت وطأة الرأسمالية المتوحشة في آخر مراحل تطورها. ــ خبراء لعبة الأمم يرسمون الحدود على خرائط لا تعكس سوى أطماع دولهم الكبرى، بلا أي إعتبار لشعوب تعيش فوق الأراضي التي لا تظهر في الخرائط سوى كمساحات ميتة مخضبة بالألوان. ربما يرون ضرورة إجراء عملية جراحية في جسد الوطن الأفغاني، واقتطاع الشريط الغربي، من شماله إلى جنوبه، ليعزل خطوط الماء والنار عن الجسد الأفغاني، ويضمهما إلى كيان أصغر وأضعف يتولاه عملاء جدد على أسس عرقية ، ليشكلوا حاجزا بين أفغانستان وإيران. ــ وربما إحتاج الأمر إلى فصل شمال أفغانستان، من أقصى شرقه إلى أقصى غربه، فاصلا أفغانستان كلها عن باقي آسيا الوسطى، بل وفصل أفغانستان نفسها عن نهر جيحون من منابعه إلى مساره ألا يشبه ذلك مشروع فصل نهر السنغال عن الجسد الموريتاني ؟؟. ــ ولأن نهر جيحون ينبع من الجزء الأفغاني من هضبة البامير وتحديدا من ممر واخان الواصل إلى الصين، فسوف يكون ممكننا أكثر أن ترفع أي حكومة أفغانية عميلة شعار الرئيس التركي. السابق “تورجت أوزال” وتستولى على مياه نهر جيحون. فماذا لو كان الرئيس الأفغاني هو أحد صبيان البنك الدولي وأحد خبرائه السابقين؟؟. فهل هناك أنسب لتلك المهمة من الرئيس الحالي أشرف غنى؟؟ إنه بالتأكيد لم ينجز المهام المنوطة به حتى الآن، وربما أن الإحتلال الأمريكي يدخر مهاراته لمرحلة مائية قادمة، حافلة بالتغيرات في الخريطة السياسية لأفغانستان. فهل نراه يوقع يوما مع خادم الحرمين الشريفين على إتفاقية لنقل مياه نهر جيحون لسقاية الحاج وزوار مدينة الرسول الأكرم؟؟. يالها من لحظة وجدانية تهز المشاعر وتحمى المخطط الصهيوني الذي سيضم المدينة المنورة بوكالة يعطيها لملك الأردن. ولإسرائيل نصيبها المعلوم من ذلك المشروع ” الإسلامي” الذي تقام الآن “أحلاف ناتو إسلامية” لحماية أمثاله وتكرارها كلما سنحت لإسرائيل فرصة للعدوان على الشعوب العربية والإسلامية فى آسيا أو أفريقيا. – يبقى سؤال جوهري وهو: هل توافق الصين على كل هذا العبث الأخرق بالخرائط السياسية للدول الواقعة في خاصرتها ؟؟ ، خاصة وأن قرغيزستان التي ينبع نهر سيحون من أراضيها قد يستهويها السير على ذات النهج . وبالضرورة ستحتاج خرائط عدة دول إلى مبضع الجراح الإسرائيلي ومساعده الأمريكي لإجراء التعديلات السياسية اللازمة. فهل تتحمل الصين كل تلك الجراحات الخطرة في خاصرتها الغربية ؟؟، وماذا يحدث لو إنفلت مبضع الجراح وانفلت / بالخطأ أو بالحماس/ صوب سينكيانج حيث كتلة سكانية مسلمة تواقة إلى الإنفصال وبها حركة وهابية مدعومة جيدا من السعودية؟؟. – وهل تتحمل روسيا ذلك التهور الجيوسياسي في إقليمها السابق وعلى حدودها المباشرة؟؟ خاصة وأن مبضع الجراح ذاته منجذب إلى أكثر من موضع إسلامي في جسد الإتحادي الروسي؟؟. – وهل ستظل إيران ملتزمة بالسلبية بينما جيرانها ، العرب والأفغان ، تمزق دولهم وتنهب أنهارهم وتمر أنابيب الماء والنار لصق حدودها الشرقية ، فى طريقها إلى أعدائها ؟؟ . بلا شك أن وجود ” جمهورية إيران الإسلامية”ــ وبهذه الصفة تحديدا ـ غير مرحب به على مضيق هرمز، من جانب القائمين على ذلك المشروع لأنه وجود يهدد إمدادات المياه المنهوبة الذاهبة إلى السعودية وباقي المشيخات، خاصة من أنهار سيحون وجيحون والنيل. وذلك سيضعها في مواجهة مع “حلف الناتو الإسلامي” التي قد تنضم إليه باكستان رسميا. لذا فأهمية مضيق هرمز سوف تتضاعف بإعتباره عقدة هامة فى نقل المياه المنهوبة من تلك الأنهار فى مسيرتها صوب المشيخات، لهذا فالمضيق مرشح لتوترات شديدة للغاية. – هناك إحتمال أن تنضم باكستان إلى بنك المياه الدولي / الذى ستشرف عليه إسرائيل / لتصدير مياه نهر هندوس في السوق الدولية ، أي لمصلحة إسرائيل ، بل قد يتوجه الماء إليها مباشرة ، طبعا بالمشاركة “الإسلامية” المباركة للسعودية والمشيخات . والجدير بالذكر أن حلف الناتو الإسلامي، أو العربي، سيكون هو الذراع العسكري لبنك المياه الذي ستنشئه إسرائيل. والحلف يمهد السبيل أمام مشاريع البنك ويتغلب عسكريا على المصاعب السياسية المستعصية أو الثورات الشعبية المعترضة. وعاصفة الحزم التى تشنها السعودية والمشيخات تحت لافتة التحالف العربي ضد شعب اليمن هي نموذج لفلسفة حلف الناتو المرتقب، وخدمته لأطماع إسرائيل المائية بوسائل عسكرية. ــ هذه العربدة الإسرائيلية ستطال جميع الكبار في المنطقة ولن توفر أحدا لديه ماء تجب خصخصته أو أراضي فوق إحتياجاته أو سكان لا ضرورة لهم. لا الصين ولا روسيا ولا إيران ولا كل شبه القارة الهندية بدولها الثلاث: باكستان والهند وبنجلادش، وكلها متخم بالماء الثمين والشعوب غير الضرورية للكوكب المزدحم. أليست تلك هي الفلسفة الحقيقة للنظام الدولي اليهودي؟؟. ــ نلاحظ هنا تشابها في الدور الذي يؤديه تقسيم الدول في خدمة مخططات نهب المياه. فمثلا إقامة دولة للنوبيين في جنوب مصر، لتعزلها عن السودان، وتفصلها عن السد العالي. فيصبح سد النهضة قضية منسيه بل يستحيل التعامل معها مصريا. بالمثل، تجزئة سوريا والعراق إلى دويلات عديدة، ينهى تماما إمكانية إستعادة شعوب العراق وسوريا لحقوقهما المائية التي نهبتها إسرائيل وحليفها التركي. إستخدام القوة المسلحة، وتغيير الجغرافيا السياسية، هي من مستلزمات السطو على المياه والسطو على النفط، كما السطو على حقول المخدرات، أو أي ثروات طبيعية أخرى. ــ القوى يفوز دوما، وعلى الضعيف أن يدفع الثمن والتكاليف. من ثرواته ودمائه ومن مستقبل أجياله. وتلك هي ضريبة التفريط في الدين والعرض والأرض.. وكافة المقدسات. واليهود الذين يصادرون الآن منابع الأنهار الإسلامية ومساراتها، سيطروا قبل ذلك على منابع التدين الشعبي عبر السيطرة على الجامعات العلمية ومشايخ السوء جماعات السوء وأنظمة السوء.
خصخصة أنهار الجنة الأربعة
هي عملية تهويد في حقيقة الأمر. والشكل الحديث للتهويد هو الخصخصة، ورمزها العالمي هو الشركات متعددة الجنسيات. ويقترب الآن موعد الظهور الفعلي ” لبنك المياه” الذي دعت إليه إسرائيل وطالبت مشيخات الخليج بالإنضمام إليه. تركيا بالطبع عضو مؤسس، وتشكل مع المشيخات ستارا إسلاميا جيدا لإخفاء الطبيعة اليهودية للمشروع. وبما أن الرؤية الإسرائيلية تقول بأن) المياه مصدر إستراتيجي تحت السيطرة العسكرية (. أي أن الإستراتيجية العسكرية لإسرائيل موضوعة في خدمة استراتيجيتها المائية التوسعية. لذا نرى أن السيطرة الإسرائيلية على أنهار النيل والفرات ودجلة، تتم حاليا تحت حماية القوى العسكرية المتوفرة تحت يد اسرائيل وهي: 1- الجيش الإسرائيلي نفسه. 2- القواعد الأمريكية في مصر والسعودية وباقي المشيخات ، وفى القرن الأفريقي وتركيا. 3- التحالف العسكري الصهيوني العربي) مصر / والسعودية / المشيخات / الأردن (بقيادة إسرائيل ، إضافة إلى القوات الرديفة مثل الوهابية القتالية وباقي الميليشيات المسلحة من كافة الأصناف والأنواع بما يوافق مزاج الممولين وطلباتهم. وباكستان مرشحة لدور قيادي في الحلف الصهيوني الجديد. 4 ــ دول حلف الناتو. – أما الذراع المانح ، الذى سيباشر عملية التهويد ـ أو الخصخصة ـ فالغالب أنه سيأخذ شكلا لامعا كالذي إقترحته إسرائيل ، أي البنك الدولي للمياه ، وهو شركة كبرى متعددة الجنسيات ، قيادتها للرأسمال اليهودي ـ وتقدم الخبرات الفنية واللوجستية ، وتمويل المشروعات المائية ، وعمليات) إعادة توزيع (الثروة المائية على نطاق الإقليم. أي المنطقة العربية في حالة) النيل والفرات ودجلة (وجمهوريات آسيا الوسطى الخمسة) في حالة سيحون وجيحون (. مع ملاحظة أن أحدا حتى الآن لم يذكر حقوق أفغانستان في نهر جيحون، الذي يمثل حدودها الطويلة مع طاجيكستان وأوزبكستان وجزء من تركمانستان. بل أنه ينبع أساسا من الجزء التابع لها من هضبة البامير.
حركة طالبان طريق الخلاص لشعوب آسيا الوسطى
أفغانستان مستعمرة أمريكية حالياً، وعلى قمتها رئيس جمهورية كان خبيرا في البنك الدولي. إذن وضع أفغانستان مهيأ لتحقيق إنقلاب في المعادلة المائية لوسط آسيا، خاصة وأن نهر جيحون ينبع من جبال البامير الأفغانية ـ أي أنها تقريبا في وضع مشابه لوضع الحبشة من ماء النيل ــ المشكلة الوحيدة هي أن حركة طالبان مازالت تقود جهادا شعبيا لا هوادة فيه ضد الإحتلال الأمريكي. لذلك فإن أفغانستان مستبعدة من مشاريع المياه في المنطقة إلى أن يحسم ذلك الصراع، الذى تدخلت فيه داعش لغير صالح المسلمين كما هو حادث دوما، وكما فعلت في مناطق الأزمات المائية، وذلك واضح بملاحظة خريطة نشاطها في بلاد العرب والأفغان وغرب أفريقيا. لم تستفد أفغانستان بشكل جدي من نصيبها في مياه نهر جيحون. بسبب الإضطراب السياسي المزمن، وفساد أنظمة الحكم والتخلف الاقتصادي والتقني. في ظروف معينة، ربما يصبح متاحاً أن يستولى الأمريكيون بالقوة على مياه نهر جيحون من شاطئه الأفغاني. وأبسط الوسائل هو سحب المياه منه مباشرة بواسطة خط أنابيب يسير بمحاذاة الحدود الشمالية حتى يصل إلى خطوط نقل الطاقة القادمة من تركمانستان، ثم ينحرف معها جنوبا حتى يصل الجميع إلى ميناء جوادر، فيركب كل منهم في السفينة الخاصة به ، متوجها صوب أسواق المستهلكين.
– ولكن وضع أفغانستان لم يحسم بعد. فهل تنتصر حركة طالبان كقوة إسلامية توحد البلاد؟؟ أم ينتصر التآمر الدولي ويتم تقسيم أفغانستان حسب مصالح بنك المياه الدولي، وضمان تأمين عملية نقل المياه إلى خارج المنطقة؟؟. وعلى كل الحالات سيجرى إستبعاد أفغانستان من أي تقسيم حقيقي لمياه نهر جيحون، إلا في حالة إستقرار حكم إسلامي فوق أراضيها الموحدة. وقتها لن تحمى حركة طالبان وحدة ترابها الوطني فقط، بل ستحمي جميع شعوب آسيا الوسطى من مخاطر التقسيم والحروب الداخلية وفقدان السيطرة على الثروات وفقدان الإستقلال والوحدة الداخلية.
بنك المياه في وسط آسيا
هو نفسه البنك الإسرائيلي سابق الذكر. والمرجح أن يتولى إدارة المياه في المنطقة بما يحقق مصالح التنمية المستدامة ورفاهية شعوب المنطقة {ـ أو أي لافتة مماثلة من معزوفات النفاق الدولي المضلل. ــ المخطط وحسب الرؤية الإسرائيلية يتم تحت سطوة القوة العسكرية للقواعد الأمريكية ودول حلف الناتو. وبالإستفادة من الخريطة السياسية المعقدة التي تركها السوفييت، يصحبها وضع اقتصادي متشابك وغير صحي، ترك أثاراً إجتماعية وبيئية وخيمة العواقب. ــ البنك سيزود المنطقة) بالخبرات الإسرائيلية “النادرة” في مجال المياه، سواء في الري أو التوزيع والنقل أو التسويق الدولي (. ــ البنك سيقدم المشورة للحكومات الفاسدة والعميلة، مزودة بالرشاوى ليبيعهم الدراسات الخاصة بالسدود وأساليب توزيع المياه والري. والأهم هو خصخصة خدمات المياه كلها، لتكون تابعة لشركة إقليمية تسيطر عليها إسرائيل وترتبط الشركة بذلك البنك الدولي المائي. إلى آخر ذلك المنوال المعتاد لتفشى سيطرة الرأسمالية الجديدة ونهب موارد أي دولة، والتحكم في أوضاعها السياسية . ــ وفى النهاية سوف تستولى إسرائيل على المفاصل الأساسية للدولة، كما حدث في أثيوبيا التي تحولت إلى مستعمرة إسرائيلية بكل معنى الكلمة. حيث تسيطر الشركات الإسرائيلية على مفاصل الإقتصاد والجيش الأثيوبي الذي يعتمد بشكل أساسي على التسليح والتدريب الإسرائيلي. بل أن الدفاع عن سد النهضة هو مهمة موكوله إلى إسرائيل مباشرة بمعاونة من الجيش الأثيوبي. كما أن قطاعات الري والكهرباء في أثيوبيا أصبحت مداره بشكل أساسي من شركات إسرائيلية. هذا جانب مما ينتظر الجمهوريات الخمسة في آسيا الوسطى، وربما أفغانستان أيضا. فهل غابت إسرائيل يوما عن أفغانستان منذ اليوم الأول للغزو عام 2001 وحتى الآن؟؟. ــ يلاحظ أن حراسة خط نقل المياه كما هي حراسة خطوط الطاقة القادمة من تركمانستان، لا تحتاج إلا إلى الأجهزة المسلحة التي بنتها أمريكا في أفغانستان جيش، أمن، ميليشيات ، وإلى دعم ميليشيات داعش المتمركزة في شمال أفغانستان، ليسير كل شيء على ما يرام. ولكن لحركة طالبان رأى آخر بالتأكيد. ورأيها هو الذي سينتصر في النهاية.
قرغيزستان: الحلقة الأضعف في آسيا الوسطى، هل تحدث إنقلابا في مسيرة نهر سيحون؟ في حالة اليأس من تنظيم الوضع الداخلي في دول آسيا الوسطى، والعجز عن تحقيق نظام مائي دولي تشرف عليه إسرائيل، هل تقدم أمريكا وإسرائيل على دفع حكومة قرغيزستان على إتباع الخط الأثيوبي) وكما هي الحالة الأفغانية المحتملة مع نهر جيحون (. وحيث أن نهر سيحون ينبع من أراضي قرغيزيا، فهل تعلن تلك الدولة إستقلالها المائي، وترفع هي الأخرى شعار) تورجوت أوزال (القائل “برميل ماء مقابل برميل نفط”، وتعلن تملكها للمياه التي تنبع من داخل أراضيها، وأنها ستنضم إلى بنك المياه الدولي الذي ستبتلع خزائنه أنهار الجنة الأربعة زائدا الفرات، وأن من يريد الماء عليه أن يشتريه من البنك ويدفع الثمن نقدا مثل أي سلعة استراتيجية أخرى ومنها النفط.
– القوى العسكرية الموجودة في المنطقة تكفى لفرض مشيئة الشركات المائية العالمية) يعنى إسرائيل في النهاية (. ولكن الأوضاع السياسية في الإقليم لم تنضج بعد، خاصة أوضاع أفغانستان، وموقف روسيا والصين لم يتكشف بعد إزاء أي عبث من هذا النوع في منطقة رخوة تقع في خاصرتهما. وربما تكتشفان قبل فوات الأوان أن حركة طالبان هي الأقرب لتحقيق التوازن والأمن الاستراتيجي لهذا الإقليم الخطير والممزق، فيكون في ذلك بداية لتحالف يقلب ثوابت إستراتيجية عفا عليها الزمن وأصبحت تجلب من الأخطار أكثر مما تجلبه من فوائد، هذا إن كان لها فوائد أصلا، حيث أنها ليست ثوابت نابعة من حقائق الإقليم، بل هي مفروضة عليه بقوة الزحف الأمريكي الأوروبي بقيادة إسرائيلية. إن حقائق تلك المنطقة تقول بأن حكم إسلامي راشد ومستقل تمثله حركة طالبان، هو الحل الأمثل لمصالح جميع دول الإقليم، خاصة قواه الكبرى في الصين والهند وروسيا وإيران .
الفصل الثالث: سد النهضة: إسرائيل ثانية في جنوب مصر
تقول الحكاية أن يهوديا عجوزا إنقطعت به السبل في يوم حار وسط صحراء قاحلة. فجلس منتظرا الموت أو أن تمر به قافلة تنقذه. وما لبث أن جاء إليه فارس عربي شاب يمتطى حصانا أصيلا. فقال له اليهودي: ما أجمل) حصانك (أيها الشاب. فهل تتكرم وتردفني خلفك إلى أقرب مدينة؟. وافق الشاب الكريم وأركب اليهودي خلفه. شكره اليهودي وقال بنعومة: ما أجمل حصانناأنظر كيف يسير بقوة وثبات فوق الرمال الحارة. إبتسم الفارس العربي لهذى الإطراء الناعم، وواصل السير بخيلاء. بعد قليل قال اليهودي: ما أجمل حصاني، ألا ترى أنى قد أكرمتك وسمحت لك بالركوب معي كل هذه المسافة.. لا داعي للشكر.. لأنني في عجلة من أمري. ثم دفع الشاب من فوق الحصان فأسقطه فوق الرمال وأخذ الحصان وهرب.(انتهت الحكاية). هذه القصة تلخص تاريخنا المعاصر مع اليهود، ومآسي أوطاننا، في الأرض والماء. بدأت القصة في فلسطين منذ أكثر من قرن، ولن تنتهي بمصر ـ الفاجعة الأكبر. وأيادي الفتنة تنزل مؤامراتها منذ عقود في أفغانستان وجمهوريات آسيا الوسطى زحفا صوب باقي أنهار الجنة سيحون وجيحون، بل لمطاردة الإسلام والمسلمين في المنطقة. من النيل إلى الفرات حدودك يا إسرائيل تلك هي نبوءتهم الدينية ، وخريطتهم السياسية ، قبل زمن طويل من إحتلالهم لأرض فلسطين وطرد شعبها لتصبح مركزهم لحكم العالم. ولكن أكثر العرب لا يرون فى ذلك خطراً، لأنهم مشغولون بمشاكلهم الصغيرة، وفتنهم الكبيرة في المذاهب والأعراق والطوائف والملل والنحل، ويمكن إعتبارها جميعا من علامات “حمى الإحتضار” لأمة تموت خارج غرفة الإنعاش. المشروع موجود وهو من النيل إلى الفرات والتنفيذ مرحلي حسب ما تسمح به موازين القوى وتطور الأوضاع الدولية النظام الدولي ، وما تسفر عنه تقلبات المنطقة العربية. فالسياسة دائما هي فن الممكن. والتقدم مستمر، ولكن حسب ما تسمح به الظروف سابقة الذكر. وبعد هزيمة السوفييت في أفغانستان والإعلان عن مولد النظام الدولي الجديد وتفرد أمريكا بقيادة العالم، بزغ عهد جديد من إقتصاد الرأسمالية المتوحشة بشركاتها الأقوى من أي دولة في العالم، وتفسخت المنطقة العربية كما لم يخطر في بال هزتزل أو أي من أساطين الصهيونية، وإرتد الإسلام إلى صدور أبنائه، بفعل جنون الوهابية التي حملت السلاح، واستباحت كل المحرمات، وأعلنت الحرب الشاملة على كل المسلمين. سمحت الظروف فوصلت إسرائيل إلى أنهار وسط آسيا ـ وأخذت تمرح وترتع في الجمهوريات الإسلامية الخمسة وأفغانستان أيضا، في حماية قوات الإحتلال الأمريكي وتحت ستائرها. – فى البدايات المبكرة للزحف صوب النيل، طلب تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصيونية أن يزرع الإستيطان في سيناء، وعرض على سلطات الإحتلال البريطاني فى مصر أن يستأجر شبه جزيرة سيناء لمدة 99 عاما قابلة للتجديد، على أن يسحب ماء النيل لري المستعمرات اليهودية هناك. وأرسل بالفعل لجنة فنية عام 1903 لدراسة الإمكانات العملية للمشروع المائي. – في نفس الوقت كانت البوصلة اليهودية تعمل في إتجاه الشرق ـ صوب الفرات ـ وبدأت بالأقرب لفلسطين، حتى قبل قيام دولتهم. فحاولت الحركة الصهيونية أن تتدخل في إتفاقية سايكس بيكو) 1915 (بين بريطانيا وفرنسا لتعديل حدود فلسطين لتضم إليها باقي أنهار المنطقة، ولكن مؤتمر الصلح الذي عقد بعد نهاية الحرب العالمية الأولى رفض ذلك الطلب نظرا لتضارب المصالح البريطانية والفرنسية التي تتنافس في الشام الكبير. – هزمت الجيوش العربية في فلسطين عام 1948 أمام العصابات الصهيونية، فاكتشف اليهود والغرب يومها موهبة الجيوش العربية في الهزيمة أمام أعدائها والإنتصار فقط على شعوبها. – واحتفلت الأمم المتحدة بهزيمة العرب ، فتقدمت بمشروع لتوصيل مياه النيل إلى غزة وشمال سيناء لتوطين الفلسطينيين الذين إغتصب اليهود أراضيهم بمباركة تلك الأمم المتحدة ! التي ظهر أنها متحدة فقط ضد العرب والمسلمين. المشروع رفضته حكومة الوفد في مصر التي كان يترأسها مصطفى النحاس باشا. ثم رفضته حكومة الثورة في بداية قيامها. ــ عندما إستقر حكم مصر لجنرالات الجيش، وبمرور الهزائم التي أدمنها جيشهم “العظيم”، تكرم خائن الحرب والسلام) أنور السادات (وعرض على الكنيست الإسرائيلي مشروع ماء زمزم ليروي القدس. وبعد هذه الرومانسية المقززة، طرح المشروع باسم معدل هو ” ترعة السلام ” لنقل ماء النيل إلى إسرائيل. ولكن كان هناك بقية من حياة في شعب مصر لم يتمكن الجنرالات من إستئصالها، فلم يمر المشروع. ولكن في الثمانينات تغير المناخ الشعبي ـ بفعل وسائل الحكم العسكري ـ وزالت المعارضة الشعبية للمشروع بعد إدعاء تافه بأن الترعة مخصصة لري سيناء فقط ـ فبدأ حفرها في بداية التسعينات بنفس الرسومات التي قدمتها الأمم المتحدة عام 1948 لقناة تروى غزة وشمال سيناء كوطن قسري للفلسطينيين المنهوبة أراضيهم وديارهم “!!”. ــ المنتصر لا يحمل القرابين إلى عقر داره المنهزم. السادات لم يكن منتصراً في حرب 73 بل إنتهت الحرب بمأساة كاملة بعد مشهد العبور الرائع . فكان الجيش المصري الثالث محاصرا بالكامل في سيناء وكذلك مدينة السويس. والجيش الإسرائيلي منتشر على أكثر من نصف الضفة الغربية من القناة، وتوقف ذلك الجيش على بعد مئة كيلومتر فقط من القاهرة، التي وقفت عاجزة تحت براثنه لا تمتلك أي وسيلة للدفاع، ولا يمتلك شعب مصر أي سلاح أو قوات قتال مدنية لأن ذلك يتنافى مع ) عقيدة الأمن القومي ( لجيش الإحتلال الوطني المدمن على الهزائم الثورية أمام أعداء الوطن . السادات حمل ماء النيل ليقدمه قربانا لإسرائيل في الكنيست في القالب التمثيلي الدرامي الذي أدمنه) المؤمن (، وقال إنه يقدم لهم قناة زمزم. ــ سراً إستغلت إسرائيل كرم جنرالات مصر كي تقنع أثيوبيا بأن مصر تفرط في ماء النيل وترسله خارج حدود الوادي، وأن حقوق أثيوبيا في النيل مهددة. وأن إسرائيل مستعدة لشراء تلك المياه. فمن حق أثيوبيا بيع الماء كما يبيع العرب النفط، وأن تستخدم شعار) تورجوت أوزال (في تركيا بأن برميل الماء مقابل برميل النفط. ــ في التسعينات، الحكومة المصرية شرعت في بناء أربع أنفاق تمر من تحت قناة السويس كما إقترحت الأمم المتحدة في أعقاب نكبة عام .1948 السيسى ، جنرال مصر الحاكم ، في كارثته التي أسماها ) قناة السويس الجديدة قرر تمديد ستة أنابيب مياه عذبة من تحتها ، ليواصل مسيرة “خير جنرالات الأرض” في بيع مصر لإسرائيل وإغلاق تاريخها إلى الأبد . فلم تكن قناة السويس الجديدة ذريعة لبيع ماء مصر فقط، بل وتأمين أبدى لإحتلال إسرائيل لسيناء، وعدم إمكان أي قدرة عسكرية لدى مصر لعبور قناتين مرة واحدة، وقد أعياهم عبور قناة واحدة عام 1973 ، فلم يتمكنوا من فعل ذلك إلا في إطار صفقة بين السادات وهنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا الأسبق. ــ مؤخرا كشف موقع ميدل إيست أوبزرفر البريطانى بالصور، أن نظام السيسي ينشئ 6 قنوات من تحت قناة السويس لتمرير مياه النيل إلى إسرائيل. وأن المشروع قد تم إسناده إلى شركات يمتلكها الجيش، وإلى شركة أوراسكوم التي تمتلها أسرة الملياردير نجيب سويرس المقرب من النظام العسكرى. وكان الخبير الإسرائيلي “شاءول أولزوروف” النائب السابق لمدير هيئة المياه الإسرائيلية، قدم مشروعا للسادات أثناء مباحثات كامب ديفيد بهدف نقل مياه النيل إلى إسرائيل من خلال شق 6 قنوات تحت قناة السويس. وبإمكان هذا المشروع نقل مليار متر مكعب من المياه إلى إسرائيل لري صحراء النقب.
يقول خبراء الري أن كل مليار متر مكعب ينقص من نصيب مصر، تخسر في مقابله مئتي ألف فدان كنتيجة لعدم توافر ماء لريها. هذا مع العلم أن المواطن المصري يحصل على ثلثي الحد الأدنى المقرر دوليا للفرد وهو ألف متر مكعب، بينما نصيب المصري هو550 متر مكعب فقط.
واضح أنه المشروع الذي ينفذه الجنرال البيادة تحت تمويه مشروع توسعة القناة يحمى فعليا جيش إسرائيل ويمدها أيضا بالماء الذي يتحرق إليه شعب مصر. وبالتالي يكرس المشروع واقع أن قناة السويس أصبحت هي الحدود الشرقية لمصر. وأن مصر بفضل تلك القناة وتاريخ مصر المأساوي معها، قطعت إتصال مصر عن سيناء التي بضياعها حاليا أصبحت مصر دولة أفريقية فقط ولا علاقة لها بقارة آسيا التي كانت سيناء جزء منها. – المنتصر كان أكثر عملية، فمباشرة بعد حرب 1973 تقدم الإسرائيلي آليشع كالي (المهندس في شركة تاهل) والمسئول عن تخطيط الموارد المائية في إسرائيل، تقدم بمشروع يقضى بنقل جزء من مياه النيل إلى صحراء النقب في إسرائيل عبر قناة خاصة تمر تحت قناة السويس، بعد توسيع ترعة الإسماعيلية لتزداد قدرتها على نقل المياه فتبلغ 300 متر مكعب في الثانية. حكومات العسكر تتذرع بالصمت والصبر في تنفيذ مؤامراتها على الشعب الذي لا يكاد يدرى شيئا عن أمور بلاده، سوى شائعات وبعض ما يتناثر في وسائل إعلام خارجية. ترعة الإسماعيلية ومشاريع توسعتها إكتملت بنفس الأسلوب، فتم زيادة قدرتها على الإستيعاب، بدون أن يشعر أحد. أحد الأساليب المعتادة كانت تطهير جوانب المجرى مع تعميق القاع، ولكن الأهم كان أبادة معظم المزارع المتواجدة على جانبيها، فقد أطلقت الحكومة الزمام لتوسع المدن، فارتفعت أسعار الأراضي الزراعية بشكل جنوني بعد تحويلها إلى أراضي سكنية، فسارع ملاك الأراضي الزراعية إلى بيعها، وبدلا عن الجنان الخضراء، جاءت العشوائيات القبيحة المزدحمة التي تفتقر إلى الذوق والنظافة والأمن. صاحب ذلك إلغاء نظام الري الذي أنشأه الانجليز على طول الترعة لإنتفاء الحاجة إليه، فأزيلت السدود المائية وتحويلات الملاحة النهرية التي في جوارها. وأقيمت مكانها جسوراً تافهة رديئة التصميم تتهاوى أجزائها بشكل دوري) علق أحد المصريين الظرفاء على ذلك قائلا: إن تلك الإنهيارات المنتظمة تتم طبقا لشروط التعاقد مع المقاول (. والمجرى المائي نفسه، رغم زيادة المياه فيه إلا أنه أصبح أسود اللون كريه الرائحة نتيجة فتح المجاري الزراعية والصحية عليه. ولكن كان سعي الإسرائيليين حثيثا، للحصول على ماء النيل نقياً وكاملا غير منقوص من الحبشه رأساً، من أمام سد النهضة الذى كان الجزء الرئيسى الغاطس، من مجهود “دولي”، تدفعه شركات دولية لتجارة الماء، مدعومه بحكوماتها وأهمها هى تلك الشركات الأمريكية والإنجليزية والفرنسية. – “البنك الدولي ” كان عراب مؤامرة السد الأثيوبي وواجهتها الدولية المحترمة!! . فحرك الحكومات وتعاقد ومول شركات ومؤسسات بحثية. وعقد المؤتمرات المتتالية بعيدا عن أعين الشعوب. وبمعرفة رؤساء الدول المعنية وجهل الشعوب التي سوف تتضرر حاضراً ومستقبلا. وبعضها سوف يتعرض للإبادة والإندثار، وعلى رأسهم شعب مصر. – تحتاج المؤامرات الصهيونية الكبيرة إلى الوقت والمال ولديهم الكثير منهما. لم ينتظروا أن يذهب ماء النيل إليهم، يحمله أمثال السادات الخائن، الذي تلاه من هم أسوأ منه، ومن نفس مؤسسة تفريخ أساطين الخيانة، الذين وصفهم أحد شعراء العامية المصريين بأنهم لا دين، لا ذمه، لا إنسانية. معاهده الذل والإستسلام التي وقعها السادات مع اليهود تحت مسمى إتفاقية السلام، ضمنت لإسرائيل إقتحام الحياة المصرية من أوسع الأبواب وتحت حماية جميع أجهزة الدولة، خاصة تلك الموكول إليها حماية مصر والمصريين. ــ تمكنت إسرائيل من زراعة أراضي مصرية بشكل مباشر، وأحيانا بشكل غير مباشر بشراء المنتجات الزراعية المصرية التي تستهلك زراعتها كميات كبيرة من الماء، مما أتاح لإسرائيل توفير الماء الذي لديها لإستخدامه بشكل إقتصادي أكثر ربحية، في مجالات تعتمد على الأبحاث العلمية والتكنولوجيا المتطورة مثل إنتاج البذور والنباتات المهجنة، وأغلب الإنتاج يذهب إلى التصدير بأسعار عالية،) السرطان يعبأ في تلك المنتجات ويصدر إلى مصر على هيئة بذور وأسمدة ومبيدات حشرية (. والنتيجة أن الزراعة في إسرائيل لم تعد تشغل سوا 3% من القوى العاملة، ومسئولة عن 9% من إجمالي الصادرات – إحصاءات 1998 – . وتوجهت باقي القوى العاملة إلى قطاعي الخدمات والصناعة. والنتيجة أن زاد الدخل القومي لإسرائيل عن الدخل القومي لمصر ودول الشام كلها. وتوجه الإنفاق المكثف إلى معاهد الأبحاث العلمية والتطوير. ــ أما التغلفل في الحياة الإقتصادية المصرية فيحتاج تفصيله إلى مجلدات، والجنرالات الذين باعوا لهم الوطن بالجملة، باعوه لهم بالقطاعي أيضا . وسهلوا لهم التسلل مباشرة أو عبر شركاء مصريون وعرب، فظهر في مصر أصحاب المليارات الذين كانوا شبه معدمين ، ولكن يمتلكون الكثير جدا من إنعدام الضمير والسفالة.
مشاريع مشبوهة وقاتلة
تعددت تلك المشاريع وتعاظم حجمها بعد الإستسلام لإسرائيل في إتفاقات كامت ديفيد و”إنتصار” 1973. كثرعدد تلك المشروعات في عهد الجنرال السيسي، بطل إسرائيل القومي، وكلها مشروعات ضخمة تحفل بالدعاية الفجة وتنعدم المعلومات الحقيقية المتوافره عنها . بقليل من التأمل نجد أن تلك المشاريع تصب في النهاية لمصلحة إسرائيل، ورؤيتها لمستقبل مصر بعد جفاف النيل وتقسيم أراضيها إلى دويلات بلا مقومات ولا مستقبل ولا حتى قدرة على الحياة بدون توفر دعم خارجي ـ وإسرائيلي تحديدا. المشاريع لا تمولها إسرائيل، رغم أنها المستفيد الأوحد منها، ولكن يمولها شعب مصر من أمواله القليلة، وبقروض يلتزم بدفعها إلى نهاية الزمان، إلا أن يترك تلك البلاد ويرحل ـ وهذا هو المطلوب والمرجح. يرافق تلك المشروعات حملات دعائية مقززة عظيمة الصخب، حافلة بالأكاذيب والمبالغات والتوقعات الخيالية. ــ من ضمن تلك المشروعات مشروع) قناة السويس الجديدة (الذي يحمى الإحتلال الإسرائيلي لسيناء عندما تعود إليها عسكريا، وهذا أمر محتم ومتماشيا مع سياق الأحداث الجارية والمتوقعة والمخطط لها. ــ وبالمثل مشروع إستصلاح 1.5 مليون فدان في الصحراء، في وجود أزمة مائية وجفاف قادم على أجنحه “سد النهضة”. ــ ومشروع العاصمة الإدارية لمصر ـ وهو مشروع خيالي ـ ولكن إذا تم تنفيذه فهو يضع عاصمة مصر في مرمى مدفعية الجيش الإسرائيلي المتمركزة على ضفة القنال الشرقية، التي سيعيدها إلى سيطرته، طبقا للتطورات المخطط لها مستقبلاً، مستفيدا من المشاريع القومية للسيسي الذي عزز الحاجز المائي لقناة السويس بحاجز إضافي يمنع أي جيش حقيقي لمصر من العبور مستقلا. مع توطين الفلسطينيين في الجزء الشمالي من سيناء، ثم إحاطتهم بالجيش الإسرائيلي من كل جانب، برا وبحراً وجواً. أي سجن الفلسطينيين في صحراء التيه الإسرائيلية. وسجن مصر ذاتها خلف قناة السويس حارما إياها من إمتدادها الأسيوي، فتقطع مصر صلاتها البرية بقارة آسيا، ويتم دفن ما تبقى من جسدها، في تابوت أفريقي ، كمومياء فرعونية. ــ واحدا من أهم المشاريع المشبوهة والقاتلة، كان مشروع توشكى في عهد “مبارك ” الذى أعلن عن المشروع بعد زيارة قام بها عام 1996 لمفيض توشكى . وبكثير من الصياح والقليل من المعلومات، سوى التقارير الصحفية، أو تلك التي وردت ضمن مؤتمرات دوليه للدعاية المشروع، قال أحد كبار الخبراء آنه لم يعثر على معلومات كافية عن المشروع حتى لدى المسئولين الحكوميين.) راجع كتاب الدكتور رشدى سعيد: مصر المستقبل ـ المياه، الطاقة، الصحراء (. ــ ومن ضمن ما جمعه ذلك الخبير أن المشروع يستهدف إستصلاح أكثر قليلا من نصف مليون فدان في صحراء توشكى إلى الغرب من بحيرة ناصر. تروى بواسطة مياه تسحب مباشرة من البحيرة عبر قناة تشق فى صخور النوبة بطول 70 كيلومتر وتبطن بالأسمنت. تبدأ القناة من أقل مستوى يمكن أن تصل اليه البحيرة لضمان إستمرار تدفق المياه، ثم بواسطة مضخات ضخمة ترفع المياه إلى مستوى الأرض المستصلحة على إرتفاع 50 مترا، بواحدة من أكبر محطات الضخ في العالم)!!(تضخ بمعدل 300 متر مكعب في الثانية . القناة ستمولها دولة الإمارات لهذا أطلقوا عليها قناة الشيخ زايد الذي قدم منحة قدرها 100 مليون دولار، وتمثل 5% من النفقات التي ستتحملها الحكومة المصرية.
- تمويل الإمارات يجعلنا نتساءل لمصحة من ساهمت في مشروع توشكى؟؟. بالتأكيد ليس لمصلحة مصر وشعبها، بل لأن المشروع في النهاية يخدم إسرائيل. ويؤكد تلك الشكوك أن أحد كبار المالكين للأراض الجديدة ــ وربما المالك الأوحد ـ هو الأمير وليد بن طلال بن عبد العزيز وبلاده هي الممول الأكبر لسد النهضة. فلا شك أن توشكى لها علاقة بتخطيط إسرائيل لمصر.
ونفط الخليج دوما في خدمة الصهيونية الضامنة لبقاء العروش وولاء الجيوش. ــ ذكر أن الأرض المستصلحة تقسم إلى أربعة مناطق إستزراع، تصلها قنوات ري يصل طولها إلى 170 كيلومتر. تقوم الحكومة بإنشاء القنوات وضخ المياه وتوصيلها حتى رأس مناطق الإستزراع، وإقامة البنية الأساسية، ومد الطرق وتشييد المطارات)!!(وتوصيل الكهرباء والتليفونات. مع إجمالي إستثمارات حكومية يصل إلى 6,2 مليار جنيه مصري وبهذا يكون نصيب الحكومة من تكلفة الفدان الواحد هو 12,000 جنيه ومع هذا ستبيع الفدان الواحد بسعر 50 خمسون(جنيها فقط )!!( . ) ما يعادل دولار ,14 وسبيعين سنتا للفدان ، بأسعار الدولار في ذلك الوقت. ـ- ليس هذا فقط.. بل أن الحكومة المصرية تعهدت بإعفاء مشترى الأراضى من جميع أنواع الضرائب، بما في ذلك الجمارك على المعدات، لمدة عشرين سنة. وهي مدة غير مسبوقة فى تاريخ الإعفاءات في مصر ـ حسب الكتاب المذكور ـ والذي قال أيضا: – ليس هذا فقط.. بل تعهدت الحكومة بإيصال المياه والكهرباء إلى رأس مناطق الإستزراع، ومن المرجح أن المياه ستكون مجانية، والكهرباء بأسعار تدعمها الحكومة . مع العلم أن سعر المياه اللازمة لري الفدان الواحد لن تقل عن 3000 جنيه ، شامله ثمن رفعه ونقله واستهلاك المعدات. – ليس هذا فقط.. بل ستخصص كل تلك الأراضي لأربعين مستثمرا فقط من القادرين ماليا، يحصل كل واحد منهم على أراضي شاسعة لا يستطيع الإنفاق عليها سوى مستثمر قادر، وأن تلك الأراضي سوف تستهلك عشر المياه اللازمة للري كل أراضي مصر . وحتى آخر عام 1998 كانت آخر قطعة أرض تم تخصيصها هي أرض الأمير وليد بن طلال بمساحة مئة ألف فدان أضيفت إليها قطعة أرض صحراوية محيطه بها ومساحتها 220,000 فدان )!!( .. لقد حصل الأمير السعودي على دولته الخاصة داخل دولة مصر!!. لقد حصل على مساحة إثنين في الألف من مساحة مصر الإجمالية، وما يعادل من 16% من المساحة المعمورة في مصر . وما يعادل نصف المساحة المزروعة في المملكة السعودية. ــ ولكن يزول العجب إذا علمنا أن توشكى تقع في أراضي النوبة، وأن النوبة مشروع إنفصال عن مصر جاهز دوليا للإعلان في الوقت المناسب، وأن السد العالي يقع داخل تلك الدولة . وأن ذلك السد سوف يحتجز كمية المياه الوحيدة التي يمكن أن تتسرب ـ بلا قصد إلى مصر ـ أو أن تشتريها دوله النوبة الجديدة. أو تمنح إليها من إسرائيل في مقابل ولاء سياسي وحرية مطلقة لرأس المال اليهودي. كما أن تلك الدولة المنتظرة تضم أهم المناطق الأثرية الفرعونية في مصر، وما يعادل من 30% من الآثار القديمة الموجوده في العالم . وأن اليهود يزعمون أنهم من بنوا تلك الحضارة بما فيها الأهرامات. وها قد عادت مصر كلها إلى يد مالكيها الحقيقيين.. اليهود!!!. ــ السعودية من أكبر المستثمرين في بناء سد النهضة القاتل لمصر، بل ومن كبار المساهمين فى تشييده، ومن كبار مالكي الأراضي من حوله والتي سوف تروى من مياهه المسروقة. إذن تعلم السعودية أن مصر إلى زوال.. فلماذا تستثمر في مشروع توشكى ؟؟.. وما هو وضع الأمير السعودي وليد بن طلال في الدولة النوبية المسخ؟ هل سيكون من رعاياها أم سيكون حاكمها الفعلي بحكم ثروته وارتباطاته الدولية؟؟ وأيضا لكونه أكبر مالك ومنتج زراعي في الدولة الجديدة ومالك سلة الغذاء الأكبر فيها. هل ستكون النوبة دولة سعودية أم دولة إسرائيلية بالنيابة؟؟. فالمشروع بالشكل السابق ذكره يعتبر تمليكا مجانيا للسعودية في أراضي مصر. وهناك الكثير من عمليات التمليك السري لعرب الخليج ولإسرائيليين وجنسيات أخرى كغطاء لليهود. فكم من مستعمرة يهودية سوف تظهر لنا في مصر بعد إنهيارها؟؟. ليست كلها مستعمرات صحراوية، بل أن بعضها موجود داخل القاهرة نفسها، فهناك همس بأن خير جيوش الأرض ينوى بيع أراضيه داخل العاصمة المصرية لمن يدفع أكثر/ من بين الإسرائيليين بالطبع/ وهي أراضي ضخمة المساحة مقام عليها كليات عسكرية ومنشآت كبيرة أخرى. وسينقل الجيش منشئاته إلى غرب النيل، فإسرائيل ترى أن شرق النيل ملكية تاريخية لها، لهذا رفضت إقامة سفارة لها شرق النيل لأن الدولة لا تقيم لنفسها سفارة فوق أراضيها. ويقال منذ زمن أنه بعد إتفاقية السلام نقلت معظم قوات الجيش المصري إلى غرب الوادي، وفق أوامر إسرائيل، وحفاظا على سيادتها فوق أراضيها التاريخية المعارة للمصريين مؤقتا. ــ فإسرائيل تطالب بجميع شرق النيل كملكية يهودية تاريخية. فمن تبقى من مصريين، مع عظماء جيشهم، عليهم الإنتقال إلى غرب النيل حيث كان قدماء المصريين يدفنون موتاهم. وها هي إسرائيل في طريقها لأن تدفن كل شعب مصر وجيشه في صحراء الموتى غرب الوادي. فالجنرالات باعوا مصر بالجملة والقطاعي ويكسبون مئات الملايين من الدولارات كعمولات من الأجانب لبيع أرض مصر وثرواتها.) يقول أحد الأمثلة الشعبية الموجودة في مصر الآن: إن سقط بيت أبيك، اسرق لنفسك منه حجرا “!!” (، فالذين هدموا مصر يسرقون كل أحجارها. … أعد قراءة القصة في مقدمة هذا البحث ، واحفظ منها جملة) ما أجمل حصاني (…
النيل نجاشي
تدخلات إسرائيل والمنظومة الإستعمارية الأوروبية، وأطماع الشركات الدولية، هي مصدر مأساة النيل الحالية، وكل مآسي أفريقيا. فلم تكن هناك مشكلة جوهرية حول إقتسام المياه بين دول حوض النيل لولا تدخل تلك الدول. وفى صدارة قافلة الشؤم يأتي البنك الدولي الذي أصر على وجود مشكلة وأرغم الجميع على الإجتماع لبحثها. وهو في الحقيقة كان يسوق لمشروع ” سد النهضة” الموجه ضد مصر، ولصالح إسرائيل ومكانتها في صدارة النظام الإقليمي) العربي سابقا، والإسرائيلي حاليا. ــ للنيل مصدران أساسيان للمياه هما الهضبة الإستوائية والمرتفعات الأثيوبية. في نهاية المسارات المائية يصل إلى مصر في النهاية 86% من مياه الهضبة الأثيوبية ، بينما تساهم الهضبة الإستوائية بما يقارب 14% فقط من مياه مصر تتراوح النسب أرتفاعا وإنخفاضا حسب حالة الفيضان الذى يحمله النيل الأزرق القادم من الحبشة . دول الهضبة الإستوائية: ليس لديها أي مشاكل فيما يخرج منها إلى مياه النيل الأبيض ، إذ لا يزيد عن 16,5 مليار متر مكعب ، بينما تزودها الأمطار بعشرات المليارات من الأمتار المكعبة من المياه ، يتبعثر معظمها في السهول بدون الإستفادة منها.) مشاريع إسرائيل كثيرة وجاهزة لأنهار تلك المنطقة وأمطارها. دول شرق النيل: “أثيوبيا ـ السودان ـ مصر” تعتمد أساساً على مياه المرتفعات الأثيوبية. وطبقا لإتفاقية عام 1959 بين مصر والسودان، تحصل مصر ـ على ثلاث أرباع المياه القادمة من الحبشة عبر النيل الأزرق ، أي حوالى 55,5 مليار متر مكعب ، وتحصل السودان على 18,5 متر مكعب من المياه . وصافي كمية المياه التي تصل إلى السد العالي بعد إحتساب الكمية المفقودة بالبخر حوالي 74.5 مليار متر مكعب ” أي نفس الكمية التي سوف يحتجزها سد النهضة في البحيرة التي أمامه”!!”.
قبل بناء السد العالي في مصر كانت ثلث المياه الواصلة إليها تنساب في البحر الأبيض. وتقاسمت مصر والسودان المياه التي إحتجزها السد العالي، فوصلت نسبة كل منهما إلى المقدار المذكور آنفا .
– إلى حين إتمام الإتفاق بين مصر والسودان عام 1959 لم تكن أثيوبيا تفكر في استخدام الروافد التي تصب في النيل الأزرق نظرا لوعورة التضاريس الصخرية وشدة إنحدارها ، إضافة إلى أن المنطقة غير صالحة للزراعة ، وتسكنها قبائل تعيش خارج سيطرة الحكومة المركزية . – ورغما عن ذلك فإن الصراع الأمريكي السوفيتي على حيازه مناطق نفوذ في القارة الافريقية وبالذات في مصر التي تنقلت هي والحبشة بين المعسكرين المتصارعين ، وفى كل مرة وقفتا في الموضع المتعارض. – في الستينات كانت الحبشة في المعسكر الأمريكي، ومصر عبدالناصر في العسكر السوفيتي. فحركت أمريكا ورقة مياه النيل للضغط بها على مصر إنتقاما لموقفها مع السوفييت. فأرسلت بعثة كبيرة من الخبراء لدراسة إقامة سدود لوقف تدفق الماء إلى مصر. والدافع كما هو واضح كان سياسيا بحتا، وليس نابعا من حاجة حقيقية لتلك المياه في أثيوبيا. ومازال الوضع كذلك، فموضوع سد النهضة هي موضوع سياسي إستراتيجي وإقتصادي بطبيعة الحال. فمصادر أثيوبيا من مياه الأمطار والمياه الجوفية تكفي إحتياجاتها وتزيد. – في السبعينات غيرت مصر والحبشة معسكريهما. فذهبت السادات بمصر إلى المعسكر الأمريكي، واضعا جميع أوراقه في اليد الأمريكية. وذهبت الحبشة إلى المعسكر السوفيتي، الذي حاول الضغط على مصر مستخدما نفس الورقة، أي مياه النيل، فأرسل خبراء لدراسة إقامة سدود على النيل. فهدد السادات بضرب أي محاولة لبناء مثل ذلك السد وقال بأنه مستعد لدخول حرب لأجل ذلك. بالطبع كان إستعراضيا كعادته، ومتزلفا إلى سادته الأمريكيين، فمصر لا تعنيه بالتأكيد. ولكن ذلك الموقف دخل في الملف السياسي الأثيوبي وبدأ الحديث عالميا عن حرب المياه، في إطار الحرب الباردة آنذاك. -الإنقلابات العسكرية في مصر والسودان ، وتسلط الجيشين على حياة الشعبين كان له أسوأ الأثر على أوضاعهما وعلى مصير النيل في نهاية المطاف. وكذلك العلاقات الملتبسة بين الإخوان والعسكر في البلدين ضاعفت المشكلة، فكلاهما يفتقد إلى المصداقية والشعبية الكافية التي تؤهل للوصول إلى الحكم والإحتفاظ به. وكلاهما يحاول أن يستفيد من الآخر لدعمه في عمل إنقلابي، على أن يتخلص منه عند التمكين. ينجح الجيش دوما نظرا لفارق موازين القوة بين الوحشية العسكرية المسلحة بالدبابات، وبين الإنتهازية السياسية المسلحة بالدين
– الإنقلاب العسكري في السودان عام 1988 كان واحدا من تلك التجارب الفاشلة . في البداية تمتع الإخوان المسلمون بنفوذ كبير جدا في النظام الجديد. فآثار ذلك رعب نظام مبارك في مصر، فبدأ حملات إعلامية ثم نزاع حدودي على منطقة حلايب وشلاتين. ثم وقعت محاولة إغتيال الرئيس المصري في “أديس أبابا” على يد الجماعة الإسلامية المصرية وبدعم من الحكومة السودانية. في الحرب ما فوق الباردة وتحت الساخنة بين النظامين المصري والسوداني، إرتكب الطرفان العديد من الكوارث في حق الشعبين. واحد منها إتفاق حكومة السودان مع أثيوبيا لإستخدم ورقة المياه ضد مصر، فوقعا إتفاقاً للصداقة والسلام واشتركا في تأسيس منظمة النيل الأزرق للإستفادة من مياه النهر بدون إشتراك مصر معهم. وناقشا مشاريع تضر بالمصالح المصرية في مياه النهر، ولكن نشاط المنظمة تجمد بعد ذلك. – إنفصال السودان عن مصر 1956 كان جريمة إرتكبها العسكر الإنقلابيون المتعطشون إلى السلطة في القاهرة ، فكان ذلك بداية ضياع النيل من أيدى المصريين واستيلاء إسرائيل عليه بتعاون مع أثيوبيا. وبحماقة الحكم العسكري في السودان، إنفصل جنوب السودان عام 2010 وأقام دولة مستقلة أخذت النفط ، وتحكمت في مصادر مياه النيل الأبيض . وفتحت الباب واسعا لمزيد من التفكك والإنفصال في الدولة السودانية. – ولمزيد من الحماقات أيد عسكر الخرطوم أثيوبيا في بناء سد النهضة ، باحثين على الفتات من موائد إسرائيل وأثيوبيا ومشيخات النفط. – ولأن مصر أصبحت مثل الثور المحتضر الذى تكاثرت عليه السكاكين ، فتسعى حكومة السودان إلى بناء ثلاث سدود على النيل الأبيض الذى يزود مصر بحوالي 14%من المياه الواصلة إليها . وسد النهضة في أثيوبيا يتكفل بإعتراض النسبة الباقية أي 86%. .. فأي مصير بائس ينتظر مصر والسودان معا تحت حكم العسكر وإنتهازية الإخوان ؟؟.. جولات مصر مع سد النكبة: “ثورة ” 25 يناير 2011 كانت إشارة البدء في تشييد “سد النهضة ” الأثيوبى . ــ في أبريل 2011 وضع رئيس الوزراء الأثيوبي حجر الأساس ” لسد النهضة ” الأكبر في أفريقيا وأحد أكبر عشرة سدود في العالم . وبدأ في إنشاء مهبط طائرات بالقرب من موقع السد. ـ فى أواخر أبريل 2011 كان رد المجلس العسكري الحاكم في مصر بليغا وحاسما. أذ أرسل وفدا من “الدبلوماسية الشعبية !!” مكونا من قيادات حزبية وسياسية، وفنانين “!!” وفرقة نوبية للرقص الشعبي”!!”. نجحت الحفلة الراقصة “!!” وفشلت المفاوضات السياسية. واستمر السد يعلو ومصر تهبط وتغوص في مشاكل متزايدة لا حلول لها. لقد أثبت الرقص البلدي المسيس أنه سلاح إستراتيجى في يد العسكر، ولكن ليس في قضايا من هذا النوع. – في أعقاب وصوله إلى الحكم كأول) رئيس إسلامي منتخب يحكم مصر !!(أعاد الرئيس مرسى المحاولة ، وذهب في زيارة لأثيوبيا في 15 يوليو 2012 .على هامش مؤتمر القمة الإفريقي ، فلم يحقق شيئا أفضل مما حققه وفد الدبلوماسية الشعبية والفنانين والراقصين الذين أرسلهم جنرالات المجلس العسكري . فشلت الزيارة وتوقفت المفاوضات الرسمية بعد ذلك بأشهر قليلة. – في أبريل 2013 أعلنت أثيوبيا عن إنجاز 20% من السد .
- لم يسكت الرئيس مرسى على ذلك التحدي ، بل ذهب إلى عقر دارهم في أديس أبابا يوم25 مايو 2013على هامش مؤتمر القمة الأفريقي ـ مرة أخرى ـ فقوبل باستقبال وصف بأنه متواضع. وأثناء إلقائه الكلمة أمام المؤتمر، قام رئيس الوزراء الأثيوبي بقطع كلمته بعد ثلاث دقائق فقط ـ في إهانة واضحة للرئيس وكل ما يمثله الرئيس. -لم يلبث رئيس الوزراء الأثيوبي في يوم 28 مايو 2013 أن أعلن عن تحويل مجرى النيل الأزرق وسط إحتفالات ومراسم أثيوبية ، في لفته تؤكد الإهانة والإستخفاف بالرئيس المصري ، الإسلامي المنتخب ديموقراطيا ، الذى لم يكد يرجع من العاصمة الأثيوبية . - لم يسكت الرئيس مرسى على الإهانة ، فدعا القوى السياسية إلى حوار وطني وهي نكتة مصريه متوارثة منذ حكم السادات ـ لم يخبر الرئيس المجتمعين أن اللقاء مذاع على الهواء فتورط أحدهم بالتلميح بعمل عسكري ضد السد ، وقال مرسى في واحدة من عنترياته " كل الخيارات مطروحة " ولكن إذا كانت الإرادة الإسرائيلية هي التي تتكلم فالخيار المصري معروف ـ سواء الحاكم كان جنرالا أو زعيما إخوانيا ـ وهو الإذعان ولا شيء غيره ، فالكرسي دوما أهم من الوطن وأهم من الشعب ، والدين ينتهى دوره بعد الوصول إلى الكرسي مباشرة . فالتيار الذي أكتسى بثوب الدين وصل إلى كرسي الحكم عاريا.
لهذا كان الرئيس الأثيوبي مطمئنا وهو يقول بالفم الملآن ” لا أحد ولا أي شيء يستطيع الوقوف أمام بناء السد “. السد أصبح منذ سنوات مشيئة إسرائيلية ومصلحة دولية لشركات عظمى تتاجر في المياه وبناء السدود ودماء الشعوب، فمن من العرب أو من المسلمين يجرؤ على الكلام؟؟. – وصل الجنرال السيسي كحاكم منتخب عسكريا، بعد مذابح غير مسبوقة في تاريخ مصر، حتى أنها تفوقت على مذبحة القلعة التي دبرها محمد على باشا ضد منافسيه المماليك. – قتل محمد على الألباني الأصل ألفا من الماليك في مذبحة القلعة، بينما قتل السيسي ـ ويشتبه بأنه مصري ـ ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف من منافسيه الإخوان المسلمين ومناصريهم في ميادين رابعة ونهضة مصر وغيرهما. – تخلص السيسي من الإخوان، وأرهب الشعب بأجهزة مسعورة أمنت من العقاب أو المساءلة. فقدم ـ نيابة عن إخوانه جنرالات المجلس العسكري ـ كل التنازلات المطلوبة لإسرائيل وأثيوبيا فيما يتعلق بالسد، وأيضا كل ما سوف يتبع ذلك من خطوات لإنهاء مصر وتشريد شعبها وإبادته. وافق العسكر بلا قيد أو شرط على) لاءات أثيوبيا الثلاث (: لا إيقاف لبناء السد ـ لا نقاش لمواصفات السد الفنية ـ لا نقاش حول شيء إسمه حقوق مصر في ماء النيل. وذهب السيسي إلى أديس آبابا ليوقع على إتفاقيه تضمن تلك التنازلات، وبدون أي ذكر لأي حقوق مائية لمصر ـ فعل ذلك وابتسامته المنساحة تغطى وجهه الشاسع، لتشيع مصر وشعبها إلى الهاوية ثم عاد إلى القاهرة كي يجلس على كرسي الحكم.. ويكمل البرنامج!!) أو صفقة القرن كما وصف برنامجه مع الأمريكيين أثناء لقائه في البيت الأبيض مع الرئيس ترامب في أبريل 2017
- وتحت شعارات الوطنية المفرطة ، والأمن القومي المزيف ، الذى حجب أبسط المعلومات عن شعب مصر ، عاد الجنرال من أثيوبيا بعد أن وقع معها إتفاقا لا يكفل لمصر حدا أدنى من المياه التي ينبغي أن تضمن أثيوبيا تدفقها إلى مصر ، ضمن إتفاقية رسمية معتبرة دوليا.
ثلاث مصائب خلف سد النكبة: يحتجز سد النهضة في حال إتمامه 75 مليار متر مكعب من المياه أي ما يعادل سعة بحيرة ناصر خلف السد العالي ، إضافة إلى 5 مليار متر مكعب تتبخر من سطح السد وأيضا 10 مليار متر مكعب تتسرب من القاع إلى باطن الأرض. أي أننا أمام عملية تشبه نقل السد العالي وبحيرة ناصر إلى الحبشة تحت مسمى) سد النهضة (. وبعدها سوف تجف بحيرة ناصر ويتحول السد العالي إلى كومة من الخرائب تشبه ما حولها من أثار الحضارة البائدة للمصريين القدماء، فينضم السد إليهم كشاهد على الحضارة البائدة لأجيال العار الذين فرطوا في أنفسهم وفى نيلهم وفى بلدهم، إذ وثقوا بعسكر باعوا أنفسهم للشيطان ولليهود، فضيع العسكر مصر وأبقوا على الفرعنة.
- سد النكبة الأثيوبي سوف يحتجز كمية من الطمي تعادل سنويا 136,5 مليون طن وهذا يعنى أن عمر السد سيكون نصف قرن تقريبا ، ويستلزم ذلك بناء ثلاث سدود أخرى )!!( قبل سد النهضة ، ليس فقط لإحتجاز الطمي بل أيضا لإحتجاز 200 مليار متر مكعب من المياه ، وبهذا يطول عمر السد الأساسي إلى قرنين كاملين . مفارقة مأساوية أخرى هي أن كمية البخر وراء السدود الأربعة تعادل نصف نصيب مصر والسودان معا من مياه النيل. # آخر الأنباء التي تتسرب بصورة غائمة عما يحدث على النيل ، تقول بأن أثيوبيا أتمت بناء40%
من السد الثالث على النهر أوائل 2017 لا أحد يفسر شيء، وكأن لا شيء يعنينا. ولكن الظاهر أن العمل يجرى على أشده في بناء جميع سدود النهضة الأربعة !!، فماذا يجرى بالضبط في قضية حياة أو موت الشعب المصري؟؟. وبالأحرى قضية الفناء المؤكد لشعب مصر ونهاية أخيب السلالات، وأتفه من سكنوا وادي النيل، فتبولوا وتبرزوا وقذفوا بكافة قذاراتهم في النهر الذي يشربون منه ويروون منه أراضيهم. بعد أن كان الفراعنة الكفار الوثنيون يتعبدون آلهتهم بالحفاظ على نظافة النهر، رغم أن تعدادهم قد لا يصل إلى تعداد مدينة متوسطة في مصر الحالية. وبعد ذلك ينظر المصريون ببلاهة لما يجرى وكأن لا شيء يعنيهم، وبعضهم وجد في نفسه الخبث اللازم كي يصفق لجنرالات الخيانة!! “سد النهضة “في إطار النظام الإقليمي الجديد: لا يمكن فهم أو تقدير أبعاد مأساة سد النهضة من خارج إطارها الصحيح داخل النظام الإقليمي الحالي الذي يدير المنطقة. وهو النظام الذي تقوده إسرائيل وتصطف فيه باقي الدول حسب ترتيب أهمية الدور المكلفة به داخل هذا النظام. سنعود إلى هذه النقطة بتفصيل أكثر فيما بعد ــ ولكن نلقى أولا نظرة سريعة على ما ساهمت به دول الإقليم) الشرق أوسطي سابقا والإسرائيلي حاليا (في مشروع سد النهضة. فذلك الدور يعكس إلى حد كبير أهمية الوظيفة المنوطة بكل دولة منها داخل النظام الجديد. أما الأدوار الذي لعبتها الدول من خارجه فيعكس مدى إستجابتها لذلك النظام واستعدادها للتعاطي الإيجابي معه.
أولاً: مشيخات النفط
السعودية: تأتى السعودية على رأس ممولي سد النهضة وتكاد تكون أموالها قد تكفلت بصورة شبه منفردة بتنفيذ المشروع الذى يتكلف حوالي 4,8مليار دولار . وزير الإعلام الأثيوبي قال في أحد تصريحاته أن السعودية دعمت أثيوبيا بمبلغ 4 مليارات دولار كاستثمارات في الزراعة التي يدعمها سد النهضة . ومفهوم أن هذا الدعم الضخم متوجه لبناء السد نفسه، وأن السداد سيكون من الأراضي الزراعية التي يرويها ماء السد) أنظر مشروع توشكى للأمير وليد بن طلال (. ــ ساهمت السعودية في البناء الفعلي للسد عبر الرأسمالي السعودي محمد العمودي الذي يوصف بانه الداعم الأول والشريك الرئيسي في إدارة إنشاءات السد. ويمتلك مصنع أسمنت يسمى ( ديريا مردوخ )ـ لاحظ يهودية الإسم ـ الذى بدأ العمل في فبراير 2012 وينتج 25% من إحتياجات أثيوبيا كلها من الأسمنت. في مثل تلك الحالات يكون أمثال العمودي نوابا عن الحكومة السعودية ويشتغلون بأموالها وتحت إشرافها تجنبا للحرج الدبلوماسي أو الشعبي. وإسم المصنع يشير إلى إحتمال كون التمويل مشترك بين إسرائيل والسعودية. تقول المعلومات المنشورة عن مصنع) مردوخ (للعمودي أنه ينتج 8000 طن من الأسمنت يوميا. ــ تم بناء المصنع بالتعاون مع الصين والتمويل الأكبر للمصنع جاء مع شركة مردوخ نفسها وجزء من التمويل جاء من: بنك التنمية الإفريقي ـ بنك الإستثمار الأوروبي ـ بنك التنمية الأثيوبى. ــ تمتلك شركة مردوخ للعمودى بالإشتراك مع شركة(كارجو وير) للأستشارات والتسهيلات أسطولا من شاحنات النقل مكون من 1000 شاحنة فولفو تنقل آلاف الأطنان من محاجر جيبوتي وأثيوبيا إلى مصنع العمودي ( مردوخ ) ومن المصنع إلى موقع بناء السد وإلى إنشاءات أخرى داخل أثيوبيا ــ و يبدو أنها السدود الثلاث التي تكلمنا عنها لحجز الطمى عن سد النهضة واحتجاز 200 مليار متر مكعب من المياه ، يعنى أكثر من ضعف ما يحتجزه السد الأساسي !! ـ أحمد الخطيب مستشار الملك السعودي، زار سد النهضة) للوقوف على إمكانية توليد الطاقة المتجددة (ـ هذا التعبير المنافق مقتبس من الإعلام السعودي الرسمي . قطر: إلتزمت باقى مشيخات النفط الحذر في الكشف عن مقدار مساهمتها فى بناء سد النهضة ، والإستثمار في المشاريع الزراعية داخل أثيوبيا ) للإمارات إستثمارات ضخمة فى أثيوبيا ولكن تفاصيل ذلك الإنفاق نادرة ( . قطر إستهلكت قدرا كبيرا من الشجاعة للكشف عن القليل من تلك المشاركات ومنها : ــ إستثمار 550 مليون دولار في مشاريع إنتاج الأسمنت . ــ مشروع زراعي لإستثمار 1,2مليون فدان في منطقة السد . ــ زيارات رسمية من مسئولين قطريين لموقع سد النهضة وإظهار الدعم والتأييد والمشاركة. التمويل والدعم الحكومي للمشروع من جانب السعودية وقطر هو جزء من إلتزامات أوضاعهم في النظام الإقليمي الجديد ـ باقي المشيخات لزمت الحذر وإن كانت وسائل إعلام تكلمت عن مشاركات إماراتية وكويتية بدون تفاصيل. تركيا: أحد اللاعبين الكبار في المنطقة، وتربطها بالنظام الإقليمي الجديد علاقة مازالت ملتبسة. فتركيا تريدها علاقة متكافئة مع إسرائيل ـ قائد النظام الجديد ـ وتريدها إسرائيل علاقة إذعان وتبعية ـ كما هي علاقة كل العرب بهذا النظام ـ وذلك سر الصراع الإسرائيلي الغربي ضد أردوغان العنيد. فالغرب وإسرائيل لا يريدون شركاء في المنطقة بل يريدون عبيدا وكفى تركيا الذى إغتصبت 25 مليار متر مكعب من مياه نهرى دجله والفرات ، من نصيب سوريا والعراق . بواسطة) سد أتاتورك العظيم (تشارك إسرائيل في سرقة نصيب مصر) كله (من ماء النيل لتنتهي قصة مصر وتشطب من التاريخ . ــ لتركيا مساهمة مالية غير محددة، ومساهمة عسكرية مشهودة للدفاع عن سد النهضة. فوقعت إتفاق للدفاع المشترك مع أثيوبيا وأرسلت إليها معدات للدفاع الجوي) لمواجهة إحتمال مهاجمة السد من الجو (. – والآن إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.. وكلاهما يسعى منذ عقود خلف مشروع الإستيلاء على ماء النيل وحرمان مصر منه. أمريكا: أرسلت البعثات والباحثين لتحديد أنواع وأماكن المشاريع اللآزمة لتحقيق ذلك الهدف. وهي التي حركت البنك الدولي وباقي البعثات والخبراء الدوليين ومولت بلا حدود جميع الأبحاث وقدمت الدعم المالي والتقني، ومارست الضغط على دول حوض النيل العشرة كي تنساق كالقطيع فاقد الإرادة خلف مشروع لا يحتاجون إليه فعليا، ولكنه يزرع الشقاق والفتنة بين تلك الدول ويمهد لحروب ونزاعات مستقبلية لا تنتهى ولا تخدم سوى مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. إسرائيل: حسب العقيدة الإسرائيلية فإن القوة العسكرية تحمى الأطماع المائية، وتفتح الطريق أمام تحقيقها. وإسرائيل كقوة مهيمنة على المنطقة العربية ـ وتتطلع إلى العمق الإسلامي في وسط آسيا ـ كانت العنصر الأكثر تصميما ونشاطا لتنفيذ مشروع السطو على نصيب مصر من ماء النيل. واستغرق ذلك منها عقودا من الزمن ـ وهي مستعدة لبذل ما يلزم من الوقت لتحقيق باقي طموحات إمبراطورتيها المائية الواصلة إلى النهرين الإسلاميين سيحون وجيحون فى وسط آسيا. ــ ذكرنا أن هزيمة مصرعام 1973 حققت إستسلام النظام المصري ، بعد تسويق أكذوبة الإنتصار لشعبه ، وفتح أبواب مصر لتمدد إسرائيلي غير محدود في كافة مجالات الحياة المصرية ، الإقتصادية والثقافية والإجتماعية والعسكرية والأمنية والسياسية . حتى باتت مصر مستعمرة إسرائيلية حقيقية، ولكن تدار بالأيدي) الوطنية (للجيش وأجهزة الأمن في حالة مميزة من حالات الإحتلال الوطني بالوكالة . ومن وقتها بات الطريق إلى منابع النيل الأزرق مفتوحا أمام إسرائيل، فلم تفوت الفرصة، حتى صار سد النكبة حقيقة واقعة. وكالعادة عملت الإستراتيجية المائية لإسرائيل تحت حماية قوتها العسكرية، وكانت استراتيجيتها العسكرية في خدمة شقيقتها المائية.
- السطوة العسكرية لإسرائيل في أثيوبيا ـ بذريعة حماية سد النكبة ـ أصبحت ظاهرة رغم السرية التي تفرضها طبيعة الموضوع. إسرائيل منخرطة في الدفاع المباشر عن سد النهضة بقواتها الخاصة ومنظومات التسليح البري والجوي وحتى البحري)!! (رغم أن أثيوبيا ليس لها شواطئ على البحر، وربما المقصود هو الدفاع عن المسطح المائي للبحيرة التي أمام السد. # منذ عام 1995 كانت الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية إزاء أثيوبيا تمهد الطريق
للاستراتيجية المائية، وتوفر لها الأرضية الآمنة. فقد عقدت إسرائيل إتفاقية مدتها 5 سنوات مع أثيوبيا بغرض إعادة، هيكلة ـ وتنظيم ـ وتسليح الجيش الأثيوبي وتدريبة، ليكون قادرا على مواجهة أي تهديدات “من داخل القارة “!! ـ المعنى هنا هو مصر أساسا، ليست مصر الجنرالات التجار، بل مصر الشعب المهدد بالموت. ومنذ ذلك الوقت أمدت إسرائيل أثيوبيا بكميات كبيرة من الأسلحة، منها طائرات “عرابا” المصنعة في إسرائيل والمخصصة للنقل والإستطلاع. إضافة إلى دبابات “ميركافا” ـ ومنظومات رادارـ وصواريخ بحرية)!!(. وصواريخ مضادة للطائرات ومدافع مضادة للطائرات.
- أما سيطرة إسرائيل على الإقتصاد الأثيوبي فهي أوسع من المتوقع. فكما أن الجيش الأثيوبي صار قوه تابعة للجيش الإسرائيلي فى جميع الأوجه، فكذلك هو الإقتصاد الأثيوبي. والأمثلة كثيرة منها ما هو مشهور ومنها ما هو مخفى عن الرصد.
فمن التغلغل الإقتصادي المعلن: ــ إعلان هيلاري يوسف سفير أثيوبيا السابق في إسرائيل عن أن مجلس إدارة شركة الكهرباء الأثيوبية التابع للدولة وافق على إختيار شركة كهرباء إسرائيل لتتولى إدارة الكهرباء في كل دولة أثيوبيا، بما في ذلك تقديم الإستشارات لمشروعات المحطات الجديدة، وجميع تلك المحطات سوف تقام على النيل الأزرق. وقال السفير أن إسرائيل دشنت مشروعات زراعية مشتركة وكشف عن وجود 240 مستثمرا إسرائيليا في أثيوبيا . الهيئات المائية في إسرائيل، تعمل بالتعاون مع أثيوبيا لإنشاء 40 مشروعا مائيا على النيل الأزرق، وتنمية الأراضي الزراعية على الحدود الأثيوبية السودانية. ــ وفى مجال الزراعة أيضا تمتلك إسرائيل 70 ألف دونم في أثيوبيا، تزرعها بقصب السكر بتكلفة 200 مليون دولار فأصبحت بذلك واحدا من مصدري السكر . وذكرنا أن سياسة إسرائيل المائية تتفادى زراعة المحاصيل التي تستهلك الكثير من الماء، حتى تستخدم مواردها المائية في مجالات أكثر ربحية. وأنها استخدمت أراضي دول حوض النيل في مشاريع زراعية خاصة بها أو مشتركة مع مستثمرين محليين أو خليجيين ـ وذكرنا مثالا مشروع توشكى في مصر ـ وهناك الكثير من أمثاله في مصر وأثيوبيا والسودان. تظهرفيها إسرائيل علنا أو تختفي خلف أحد عملائها الماليين من جنسيات شتى ــ إسرائيل تستثمر 1,57مليار دولار في 281 مشروعا ، منها 11 مشروعا تحت التنفيذ . ) هذه إحصاءات قديمة نسبياً والأرقام تصاعدت كثيرا كما هو متوقع (.
أوروبا في سد النهضة
هناك مساهمات أوروبية هامة لإنشاء سد النكبة، سواء في مرحلة الإعداد والتجهيز السياسي والفني أو في مرحلة الإنشاء الفعلي. ومعظم المساهمات تكون غير معلنة تفاديا لأى مضاعفات مستقبلية / حروب أو إضطرابات / قد تنشأ نتيجة ذلك العبث الشنيع بمستقبل شعوب المنطقة. ــ من أشهر المشاركين شركة) سالين (الإيطالية التي تنفذ عملية بناء السد الأكبر في أفريقيا )طول السد 1800 متر ، وارتفاعة 170 متر ( . ــ ألمانيا بدورها مولت بسخاء عمليات الأبحاث والمؤتمرات والهيئات الدولية النشطة في مؤامرة سد النكبة. أما الحيتان المتربصة للفريسة فهي الشركات الدولية لتجارة المياه)!!( وهى شركات : أمريكية ـ وبريطانية ـ وفرنسية . إنها نفس العصابة الإستعمارية التقليدية، وهى تمارس الإستعمار الإقتصادي لمرحلة ما بعد الحداثة ـ والإنفلات الرأسمالي المتوحش.
ماذا بعد بناء سد النهضة؟
خطوتان أساسيتان تترافقان مع بناء سد النهضة هما: 1 ـ تعيين مصبات جديدة لنهر النيل بعد تحويل مساره إلى شرق أفريقيا بواسطة أنابيب ومحطات ضخ ، صوب موانئ منتقاه بعناية وفق معايير أمنية وسياسية دقيقة. 2 ـ تأمين المسارات البحرية لنقل الماء المنهوب إلى أسواق الإستهلاك في المنطقة وحول العالم. مع العلم أن العمل يجرى على قدم وساق في الخطوتين المذكورتين ، ولكن تحت ستار كثيف من إدعاءات أخرى ، حتى لا تلتفت الشعوب ، العربية تحديدا ، إلى هول الكارثة التي تحيط بها. وكما أن التمهيد لبناء السد إستغرق عدة عقود من الزمن، فكذلك الخطوتان المذكورتان يجرى العمل عليها منذ سنوات طويلة. والآن تخاض الحروب الفعلية، والتجهيزات واسعة النطاق لتغيير الخريطة السياسية للمنطقة العربية على مبدأ التجزئة. بما يخدم أولا الاستراتيجة المائية لإسرائيل التي هي عماد عملها العسكري وبنيانها الاقتصادي وطموحها الإمبراطوري الذي يتخطى بكثير حدود العالم العربي.
أولا ـ المصبات الجديدة لنهر النيل لم يعلن أي شيء عن تلك المصبات. فقط أعلن “نتنياهو” رئيس وزراء إسرائيل عن النية في إنشاء “بنك للمياه ” داعيا أتباعه في مشيخات النفط للمشاركة فيه. والمصبات المتوقعة للنيل ستكون نوافذ بيع الماء وتابعة لذلك البنك، وهناك خياران فقط: ــ ينقل الماء من بحيرة سد النكبة عبر مسارين متوقعين، طول أحدهما 1,200 كيلومتر ، والآخر 1,400 كيلومتر . الأول ينتهي في أحد مواني جيبوتي، ولنقل أنه ميناء فجل. والثاني ينتهى في أرتيريا، ولنقل أنه ميناء عصب. من مميزات جيبوتي المطلة على المحيط الهندي أنها قاعدة عسكرية حصينة، جوية وبحرية، للفرنسيين والأمريكيين . ومن المحتمل أن يتواجد الآن أو مستقبلا الإسرائيليين وأتباعهم الإماراتيين في قواعد بحرية. في أرتيريا هناك قواعد عسكرية للجميع، إسرائيليين، إماراتيين وربما أمريكان، ومن يرغب. ويمكن إعتبار الجيش الأريتيري قوة ملحقة بالجيش الإسرائيلي وتحت سيطرته تدريبا وتسليحا. كلا البلدين جيبوتي والصومال تسكنهما أغلبية عظمى من المسلمين. الأولى كانت مستعمرة فرنسية، والثانية نالت إستقلالها عن أثيوبيا عام 1993. ــ في أرتيريا وجيبوتي تتوفر القواعد البحرية والجوية وحراسات جيدة لمنافذ بيع المياه، ورسو ناقلات الماء، في عصر ما بعد ناقلات النفط. إذن مصبات النيل الجديدة في شرق أفريقيا ستكون أكثر أمانا من المصبات القديمة في مصر.) تلك المواضع في شرق أفريقيا كانت من أملاك مصر الفرعونية، ورحلات المصريين إلى هناك مسجلة على جدران معابد ملوكهم الذين كانوا رجالا حفظوا النيل ومصر من البحر حتى منابع النيل وشرق أفريقيا، وبقى الأمر قريبا من ذلك حتى عهد أسرة محمد على، إلى أن داهمنا عصر ضياع مصر على يد أحقر جنرالات الأرض (. بعد أن إستطاعت إسرائيل تصحيح) الخطأ (الجغرافي والجيولوجي، كون النيل كان النهر الوحيد في العالم الذي ينبع من الجنوب ويصب في الشمال. وبعد آلاف السنين الذي كان فيها النيل الأزرق خالصا من نصيب مصر، فهو على وشك أن يصبح خالصا لبنى إسرائيل بمعونة عبيدها من النفطيين العرب، ومعونة شر جنرالات الأرض. ثانيا ــ تأمين المسارات البحرية لنقل الماء المنهوب عقدة المواصلات البحرية ومنبع حركة ناقلات الماء المنهوب، سوف يكون باب المندب الذي ستتضاعف أهميته الإقتصادية والجيوسياسية إلى أقصى حد. – ولنا أن نتصور كمية من الماء تعادل في قيمتها قيمة النفط ـ حسب قاعدة “تورجت أوزال” سالفة الذكر ـ وهى سلعة متجددة تهبط من السماء في كل عام بلا أي مجهود. ويوجد منها 74.5 مليار مكعب من الماء أمام سد النهضة، 200 مليار متر مكعب أمام السدود الثلاث الأخرى ، التي بنيت لإحتجاز الطمى . فلنا أن نتخيل حجم تلك الثروة الفلكية المتجددة على الدوام وبلا مجهود والتي على مقدارها سيرتكب المستفيدون منها كل جرائم الكون، حتى ولو أضطروا إلى إبادة العرب والمسلمين جميعا، ومعهم كل سكان أفريقيا وآسيا.) ذكرنا أن حجم تجارة المياه بعد ثلاث سنوات فقط من الآن سوف تبلغ 660 مليار دولار، بينما هي حاليا 250 مليار فقط (.
نهب الماء الأفريقي
حمى سرقة مياه الشعوب التافهة إنتابت إسرائيل، فساقت الحبشة أمامها لسرقة مياه جيرانها الأفارقة. فأقامت ثلاث سدود على نهر) آومو (المشترك بينها وبين كينيا فشردت أكثر من 200 ألف كيني وتضررت البيئة بشدة. حاولت الهيئات الدولية إيقاف بناء السد الثالث، ولكن أثيوبيا إستمرت حتى فرغت من بناء أربعة سدود وليس ثلاثة فقط. سبب هذه الجرأة هو أن) جيش الدفاع الإسرائيلي (يقف خلف أثيوبيا بكامل قوته لنهب مياه الجيران. ومن المتوقع أن يتم نهب مياه الهضبة الأفريقية التي تغذى النيل الأبيض الذاهب إلى جنوب السودان، مع كميات من الأمطار لا حصر لها مرشحة للنهب وفق مشاريع إسرائيلية جاهزة. تلك هي أهم المواد الاستراتيجية الضرورية للبشر بعد التغير المناخي الذي يضرب الأرض. فمياه الكوكب تذهب إلى يد إسرائيل وحلفائها في الغرب، وكذلك مستقبل البشرية. – تأمين باب المندب يستدعى الإستيلاء على الجزر اليمنية المتناثرة بالقرب من المضيق ، في البحر الأحمر وخليج عدن. وفائدة تلك الجزر لا تكتمل إلا باحتلال الموانئ اليمنية خاصة ميناء عدن. ــ وذلك هو الوجه الأول والأساسي للحرب في اليمن. إنها حرب لتأمين المصبات الجديدة لنهر النيل على سواحل القرن الأفريقي، وحماية خطوط الحركة البحرية لناقلات الماء صعودا في البحر الأحمر أو بالإلتفاف حول جزيرة العرب وعبور مضيق هرمز وصولا إلى موانئ النفط في المشيخات الخليجية وهي أكبر مشتري للماء المصري المنهوب. ونشير هنا إلى أن أهمية مضيق هرمز سوف تتضاعف أيضا ـ كما تضاعفت قيمة مضيق باب المندب نظرا للأهمية الاستراتيجية الفائقة للمواد العابرة للمضيقين، وهي الماء والنفط. إضافة إلى السلع التجارية الأخرى. لهذا تضرب أساطيل أمريكا وإسرائيل وحلف الناتو، حصارا حول كامل جزيرة العرب من الخليج شرقا إلى البحر الأحمر غربا مرورا بمياه المحيط الهندي في جنوبها. وإن كان إحكام الحصار من الجهة الشرقية للجزيرة غير مستقر بسبب تمسك إيران باستقلالها السياسي وسيادتها على مياهها الإقليمية، فتقوم بتعزيز قوتها البحرية هناك ـ وهذا سبب آخر هام لما تلاقيه إيران من حرب بالوكالة عن إسرائيل، تقوم بها السعودية وباقي المشيخات وعرب التسول. ولكن البحر الأحمر تحول بالكامل إلى بحيرة إسرائيلية، نتيجة لإذعان السعودية والسودان للنظام الإسرائيلي الجديد في المنطقة العربية. وأيضا بدعم من الأساطيل الأمريكية والغريبة المشاركة في حصار جزيرة العرب، بدعاوى متنوعة منها محاربة القرصنة في القرن الإفريقي، أو فرض الحصار على حكومة صنعاء التي مازالت تقاوم الغزو السعودي والحرب بالوكالة التي تشتها المشيخات على شعب اليمن وأراضيه وسواحله. إحتمالات أخرى لنهب مياه النيل: ثلاث إحتمالات ربما تكون قابلة للبحث. إثنان منها قابلان للتنفيذ داخل أثيوبيا نفسها ومقترح آخر داخل شرق السودان.
الإحتمال الأول في أثيوبيا
هو توجيه المياه المختزنة خلف السدود الخمسة نحو زراعة واسعة داخل أثيوبيا نفسها. وذلك أمر سيحدث تلقائيا ولكنه محدود بعاملين: ـ الأول هو مقدار المساحة الصالحة للزراعة بدون إستثمارات كبيرة تجعلها غير إقتصادية، بمعنى أنها قد لا توفر نفس المردود العائد من بيع المياه في السوق الدولية. ـ الثاني هو توافر مصادر مياه أخرى لري الكثير من الأراضي، خاصة مياه الأمطار الغزيرة التي تسقط على البلاد ـ ماعدا الجزء الشرقي الصحراوي منها. وهناك أيضا كميات كبيرة من المياه الجوفية غير المستغلة. من ناحية نظرية يمكن تحويل الحبشة إلى واحدة من سلال الغذاء الكبرى في العالم بواسطة الماء المصري المنهوب. وقد أعلنت عدة دول عن إستثمارات كبرى في المجال الزراعي، على رأسها إسرائيل ومشيخات النفط.
المقترح الثاني في أثيوبيا
وتتبناه أمريكا، وهو تحويل أثيوبيا إلى أكبر مزرعة في العالم للمخدرات. فأراضي أثيوبيا هي أحد الإحتمالات التي تعمل عليها الولايات المتحدة كبدائل لفقدانها كنوز الأفيون في أفغانستان، وهو أمر حتمي، مهما تأجل تنفيذه. المقترح الثالث ــ داخل شرق السودان: وبه العديد من نقاط الجاذبية. الشرط الأول للنجاح هو إعمال المبضع الجراحي السياسي في الجسد السوداني المريض، لفصل الجزء الشرقي منه، في دولة تافهة تكون محضنا لمشروع مائي/ سياسي ضخم، وهو تحويل مصبات النيل ولكن هذه المرة إلى البحر الأحمر. ومن هناك بالناقلات أو الأنابيب ينتقل الماء إلى الموانئ السعودية: إلى جدة) لسقاية مكة (ومنها إلى ينبع ) لسقاية المدينة (وصولاً إلى إيلات) لسقاية إسرائيل (، وربما إحتاجت سيناء إلى رافد يرويها من شرم الشيخ) لسقاية الجيش الإسرائيلي (، وربما) لسقاية الفلسطينيين (من سكان المنفى الفلسطيني في شمال سيناء أيضا. من المميزات هي أن شق خط أنابيب من سد النهضة إلى ميناء بورسودان سيكون أيسر ولن يحتاج تقريبا إلى محطات ضخ، لأن الأرض منحدرة بشكل طبيعي، ومعظمها ليس صخريا ـ بعكس المسارات في جيبوتي وأرتيريا. ولكن ميناء بورتسودان أو أي ميناء آخر قد يستحدث، سيحتاج إلى قواعد بحرية وبرية قريبة منه لحمايته ـ وهناك كثيرون على إستعداد لوضع قواعدهم هناك. ـ شرق السودان يعاني أزمة مياه في معظم مواضعه، وحتى في ميناء بورسودان وما حوله. فهناك تجارة مياه تقوم بها مافيا حكومية / أهلية مشتركة لإستثمار تلك الأزمة على حساب المواطن البسيط. وتوفير جائزة مائية لذلك الإقليم، سيضمن للمشروع دعما شعبيا كبيرا. فالشعوب يمكن في ظل الأزمات أن تقبل الرشاوى، بعكس الحكومات التي تقبلها في السراء والضراء.
هدم سد النهضة
خلال هذا البحث ورد طرف من الوسائل العسكرية لحماية سد النهضة ومنتجاته المائية، برا وبحرا وجوا، سواء داخل الحبشة، أو في مياه سواحل شرق أفريقيا. ــ وتكلم خبراء عن إحتمال سقوط السد تلقائيا نتيجة لهبوط الأرض تحت البحيرة نتيجة ثقل المياه، أو نتيجة زلزال محتمل، حيث أن السد مبنى على خط زلازل يمر بالمنطقة. – ومؤخرا سربت صحيفة ألمانية خبرا لم تؤكده أي جهة ، عن أن السد يعانى من تصدعات نتيجة لخطا في التصميم ، وأن المهندسين يبحثون عن حلول قبل ان يستفحل أمرها. ربما كان ذلك صحيحاً، وربما أنه وسيلة لشراء الوقت وخداع شعب مصر، المنخدع بطبيعته، حتى يكتمل بناء السد. وهو أسلوب يتبعه النظام المصري عبر أدواته الإعلامية للإيهام بأنه قد يقوم بعمل عسكري ضد السد، وذكروا لذلك أمثلة سينمائية لا تتماشى مع جيش مترهل قادر على أبى شيء إلا الحرب. ــ ومع هذا فالعمل العسكري لتهديم السد تماما هو أمر ممكن وإن كان صعباً. فالأمر يعتمد على الإرادة والعزيمة. أما وسائل التدمير وأساليبه فليس أكثر منها في هذا العالم المليء بأدوات الدمار. وليست التفجيرات القوية الكافية لهدم هذا السد هي الأمر الوحيد الممكن. فحساسية السد للزلازل هي أيضا نقطة ضعف، لأن الزلازل أصبحت فنا يمكن صناعته، ولم تعد تكنولوجيا تتقنها طبقات الأرض فقط، لأن الطبقات الإجتماعية العطشى يمكنها صنع زلازل قد تكون أبعد تأثيرا.
- هناك تهويل متعمد عن أهوال سوف تحدث لمصر إذا إنهدم السد. وحتى بفرض صحة تلك التهويلات ولم تكن مجرد عنصر في الحرب النفسية للدفاع على السد، فإنه في حالة شعب مهدد بالفناء ودولة مهددة بالزوال بعد تاريخ متصل منذ أكثر من خمسة آلاف عام، فإن أي خسائر يمكن تحملها ويمكن التغلب على آثرها مع الوقت، مهما كان مقدارها.
الفصل الرابع: النظام الإقليمي الجديد، تنافس وصراعات في الداخل
النظام الإقليمي الجديد والذي يحكم بلاد العرب الآن يعنى سيطرة إسرائيل على تلك المنطقة كوريث شرعي للإستعمار الغربي الجاثم على صدر المنطقة منذ حوالي قرنين من الزمان. يرعى الغرب ذلك النظام الجديد، ولأسباب نفسية يهودية تتواجد قواته في المنطقة، بالقرب من إسرائيل خلال تثببت وتأكيد ذلك النظام. فهناك جيوش وأساطيل لأمريكا والناتو داخل حدود المنطقة وعلى أطرافها وفى البحار من حولها. وتشرف أمريكا بنفسها على عملية تغيير حدود الدول وتقسيمها، وعلى نهب ثرواتها وحجز نصيب شركاتها في الغنائم، خاصة من النفط والماء الثروة الأهم في القرن الحادي والعشرين. ــ في ظل ذلك التواجد العسكري المكثف والمتعاضد بين إسرائيل والغرب، تتم بنشاط عمليات تفكيك) في الحقيقة تدمير (التجمعات الحضارية والسكانية الكبرى لدى العرب في كل من العراق وسوريا ومصر واليمن، لتحويلها إلى كيانات سياسية ضئيلة، مستقلة عن بعضها ومتحاربة. وهى عملية قيد التنفيذ وإن تحقق جزء كبير منها، خاصة في العراق وسوريا، ومصر ستسقط كتلة واحدة، وعند الإرتطام بواقع جفاف النيل وعوامل الإنهيار الكثيرة الأخرى سوف تتشظى إلى جزيئات عديدة لا قيمة لها. الخرائط السياسية الجديدة للمنطقة تضمن أمن وإستقرار النظام الإقليمي الجديد النظام اليهودي وتمنع أي فرص لنهوض جديد للعرب والمسلمين.
ومن أساسيات النظام الجديد:
ــ وضع ثروات المنطقة في أيدي إسرائيل وشركاتها المحلية والدولية متعددة الجنسيات وبنوكها العالمية. ــ السيطرة على الحالة الدينية والثقافية، للتحكم في العقائد والعقول والضمائر لعبيدها فى مستعمراتها العربية الجديدة.) سيطرة إسرائيل على منابع التدين الشعبي سبقت بكثير عملية السيطرة على الأرض والنفط والمياه (. ــ تحويل عداء شعوب المنطقة لإسرائيل إلى عداء موجه ضد أعداء إسرائيل. لتأمين إسرائيل من جهة ولإضعاف أعدائها من جهة أخرى. يساعد على ذلك ما ذكرناه عن تحكم إسرائيل في ثقافة المنطقة وتياراتها الدينية، والإعلام ووسائل صناعة الرأي العام. ــ ومن أهم تطبيقات تلك القاعدة هي إشعال الفتن الطائفية، وتقسيم الأمة على أساس طائفي، وشن حروب إستئصالية بين تلك المكونات. وكذلك إيقاظ الفتن العرقية وتشجيع عمليات الإنفصال على أساسها حتى تتحول المنطقة العربية) والإسلامية عموما (إلى حطام دول مجزأه متناحرة، وجميعها ضعيف وفى حاجه للإنصياع لإسرائيل من أجل الحفاظ على وجوده. ــ من علامات نجاح إسرائيل في مشروعها الإقليمي هو تكوين جيش مستعمرات موالي لها ويخوض الحروب بأمرها في داخل المنطقة وخارجها إذا إقتضت الحاجة.) جيش المستعمرات (يشمل قوات عسكرية لجيوش تقليدية، كما يشمل ميلشيات دينيه ومذهبية وقومية. وتعتبر الحروب في العراق وسوريا واليمن تطبيقات مثالية لجيوش المستعمرات متنوعة التكوين ما بين التقليدي وغير التقليدي “مليشيات ” ومرتزقة دوليون.) حلف الناتو الإسلامي هو أحد صور جيوش المستعمرات التي تبنيها إسرائيل لخوض المعارك بالنيابة عنها.
التنافس والصراعات
مازال النظام الصهيوني الذي يدير بلاد العرب جديد نسبيا، ولم تتكيف معه أنظمة المنطقة وشعوبها بشكل كامل. ــ في صدارة الدول الوظيفية في إطار ذلك النظام تأتى مشيخات النفط التي يضمها مجلس التعاون الخليجي ـ نادى النفطيين العرب ـ وبينها تنافسات واضحة على قيادة تلك المنظومة. فالسعودية تكلست دماء الحكم فيها، ولم تفدها رعونة أولياء العهد ولا أولياء أولياء العهد.. إلى ما لا نهاية. فوجدت قطر ذات القيادة الشابة المغامرة، فرصة للقفز إلى صدارة المشهد الخليجي، فقدمت خدماتها لإسرائيل في مجالات حساسة مثل ثورات ليبيا ومصر وسوريا، بدون إنتظار لإذن من السعودية، التي تمكنت بصعوبة من لجم قطر، مستعينة بتحالف داخلي مع الإمارات بقياداتها الشابة المغامرة التي عوضت السعودية قليلا عن تصلب الشرايين الذي أصاب حركتها وفكرها. ولكن العلاقات بين الإمارات والسعودية لم تخلو من تنافس. فحتى الإمارات الضئيلة أثبتت خلال المغامرات العسكرية) في حروب الوكالة (أنها أكثر فعالية من السعودية المتيبسة الفكر والعضلات. هذا بخلاف الصراعات التاريخية بين السعودية وسلطنة عمان التي إنتزع البريطانيون منها مشيخات) الساحل المتصالح (النفطي، والذي أصبح لاحقا دولة الإمارات. مشيا على القاعدة الإستعمارية التي تقضى بفصل منابع الثروة عن المراكز السكانية والحضارية، حتى تضمن التخلف الشامل للجميع. تلك أمثلة على التناقضات والتنافسات داخل معسكر أثرياء النفط، سعيا إلى نيل الحظوة والمكانة لدى إسرائيل، القائد العام والإمبراطور المتوج لبلاد العرب . ــ هناك تنافسات وصراعات أخرى داخل الإمبراطورية اليهودية، بين دول حوض النيل الثلاث: مصر ـ السودان ـ الحبشة. تلك الدول أدت دورها بنجاح وتفان في أهم مشروعات القرن الحادي والعشرين وهو تحويل منابع نهر النيل إلى جهة الشرق حيث إلتقاء مياه البحر الأحمر مع المحيط الهندي، بدلا من مصبها الطبيعي في البحر الأبيض. والتنافس بين الدول الثلاث هو للتسابق على تنفيذ البرنامج المائي لإسرائيل في دول حوض النيل، وبرامجها الزراعية والإستثمارية داخل كل بلد على حدة وفى بلاد حوض النيل العشرة. وحتى داخل كل بلد، فإن البرامج الإسرائيلية لم تستنزف، بل لم تكد تبدأ بعد. وهنا تتسابق حكومات تلك الدول خاصة جنرالات مصر والسودان، في تقديم كافة الخدمات للسيد اليهودي الجديد، في المجالات العسكرية والمدنية على حد سواء. ــ هناك تنافس بل وصراع بين منظومة مشيخات النفط وبين مصر تحديدا والعداء واضح بين مصر وقطر. وكراهية لا تقل حجما ولكنها/ أقل ظهورا بين مصر من جهة وبين السعودية والإمارات من جهة أخرى. يرجع ذلك إلى التسابق على المراكز المتقدمة في الحظوة لدى إسرائيل والبرهنة على قدرة كل نظام منها على لعب أدوار أهم في خدمتها، وإقناعها بالإبقاء عليه ومواصلة تكليفه بمقاولات خدمية في شتى المجالات التي تهمها. ــ نستعرض فيما يلي أهم الأوراق التي يمتلكها كل النظام ليقنع إسرائيل بأهميته، وجدارته في شغل مرتبة متقدمة في تسلسل العبيد.
الأوراق السعودية
واضح أن السعودية ـ حتى الآن ـ هي الدولة ذات الحظوة الأولى لدى إسرائيل، وذلك لخطورة الأوراق التي تمتلكها، وبالتالي خطورة الخدمات التي يمكن أن تقدمها لإسرائيل. وأهم تلك الأوراق هي: 1 ــ القيمة الدينية التي يدعيها النظام السعودي ، هي أهم أوراق إعتماده لدى إسرائيل ، وأهم ضمانات إستمراريتة في الحكم ، إلى أن يتم إستهلاك تلك الورقة بأن تنجز جميع أهدافها ، أو أن يتعذر على السعوديين اللعب بها في العالم الإسلامي ، أو أن تنتزع تلك الورقة منهم وتعطى لكيان أضعف وأقدر على خدمة الأوضاع المستجدة فمن الوظائف الأساسية للسعودية تسويق المشروع اليهودي ونظامه الجديد في المنطقة ، على أنها مشروع إسلامي وفى إطار تحالف مع المملكة لمواجهة ) الإرهاب الديني وأخطار الوجود الإيراني والتمدد الشيعي (. فأي تحرك شعبي في أي بلد عربي سوف يواجه بأعمال مضادة من كل نوع على أساس أنه مخالف للإسلام) كما فعلوا مع إنتفاضة 25 يناير في مصر، حين دفعوا بالإخوان لرفع شعارات إسلامية براقة في مقابل شعارات محددة للثورة الإجتماعية والسياسية ( ـ أو كما حدث في البحرين حين إستخدمت السعودية قواتها المسلحة وقوات مشيخة الإمارات ضد شعب البحرين ومطالبه الإصلاحية ، بإدعاء أنها تمدد إيراني . ثم ضد اليمن لإحباط مساعي اليمنيين لإصلاح حقيقي في أوضاعهم فقوبلوا بعاصفة الحزم السعودي الإماراتي، فدمرت عاصفتهم اليمن ونشرت فيه المجاعة والمرض والخراب. وأي إنتفاضة مرتقبة في مصر قد تجابه بنفس الأساليب بعد وضعها في خانة التشيع أو الكفر ومخالفة العقائد الوهابية الصحيحة 2 ـ إستبدال الإسلام بالوهابية ، واستبدال الفقه الإسلامي كله) المذاهب الأربعة (بالسلفية ، التي هي أحد تفريعات المذهب الحنبلي ، والتي أثارت إعتراض علماء باقي المذاهب في وقت ظهورها على يد إبن تيمية. 3 ـ لم يشعر أحد بخطورة ذلك الإستبدال إلا عندما حملت السلفية السلاح واحتكرت فريضة الجهاد ، وأسمت نفسها / أو أسموها / “السلفية الجهادية” ، التي سريعا ما كشفت عن أيدولوجيتها الوهابية ، ثم التكفيرية ثم ما بعد التكفيرية ، على أيدى غلمان التنظيمات المسلحة التي يصعب حتى مجرد حصر عددها أو أسمائها ، خاصة مع توافر التمويل النفطي للجميع. 4 ــ إشراك قواتها في الحروب بالوكالة لصالح إسرائيل ـ حرب اليمن نموذجا ـ يحرف أنظار المسلمين عن الهدف الحقيقي لتلك الحروب ، وصبغها بطابع الفتنة الطائفية للتمويه على المخططات اليهودية. 5 ـ كتمهيد للمشروع السابق أطلقت السعودية بعض بالونات الإختبار لتهيئة الرأي العام الإسلامي لإخراج قبر الرسول) صلى الله عليه وسلم (من قبره الشريف ، بدعوى توسعة المسجد, النبوي. وهو مشروع وهابي قديم ـ وهو الآن مشروع إسرائيلي ـ لإبعاد كل ما هو مقدس لدى المسلمين خارج المدينة المنورة التي سيتولى خادمهم الأردني مهمه إحتلالها بالوكالة. لم يوضح السعوديون إلى أين سينقلون القبر الشريف، ولكن الأرجح أنهم يفكرون في مكة، حيث الفاتيكان الإسلامي (المقترح فوق الحدود الدينية لمكة ومواقيت الإحرام). وبهذا تنحصر مقدسات المسلمين في مدينة واحدة هي مكة لتسهيل وضعها تحت) إدارة دولية (كونها) منبع تفريخ التنظيمات المتطرفة والإرهابية في العالم (. ويرافق ذلك تعديلات في القرآن الكريم، كما أشار عدد من زعماء المسلمين، منهم الجنرال البيادة في مصر الذي دعا إلى: ) تغيير النصوص الدينية التي جعلت العالم كله يقف ضدنا. “!!” ( 6 ـ مخزون الدولارات النفطية ، والصبغة الإسلامية للنظام السعودي ، يوضعان معاً لخدمة النظام اليهودي للمنطقة. ومعهما الإكتشاف المفاجئ للعرب والعالم بأن هناك للمشيخات جيوشا وأساطيلاً، فقط عندما إستخدمت إسرائيل تلك القدرات) المكبوتة (لخدمة مصالحها في معالجة الإضطرابات السياسية والإجتماعية، وإحباط محاولات الشعوب للإنعتاق، وهو ما أخذ صورة الثورات المجهضة أو المحرفة والتي أسميت بالربيع العربي. ــ “الأساطيل” العسكرية لدول النفط تحرس باب المندب وتقيم القواعد البحرية في دول شرق أفريقيا لحراسة مصالح إسرائيل في مياه النيل ومخططها الاستعماري اليهودي في جزيرة العرب والمدينة المنورة. 7 ـ التعاون العسكري بين إسرائيل وأنظمة الإستعباد العربية هو من أسوأ الظواهر في التاريخ الحديث للعرب والمسلمين. وهو التحالف (الذي تقوده إسرائيل ويضم دول الإعتدال) ـ في التوصيف القديم ـ والدول السنية في التوصيف الأخير ـ وهي مشيخات النفط بقيادة السعودية، مضاف اليها الأردن) الذي يستعد لدوره الكبير الشبيه بحصان طروادة لإسرائيل لإحتلال المدينة المنورة بالوكالة عنها (ونظام عسكر مصر بقيادة الجنرال البيادة وأعوانه من جنرالات العار. تلك التوليفة الجديدة القديمة من جيوش المستعمرات يطلق عليها يهود إسرائيل وراعيهم الأمريكي إصطلاح) حلف الناتو (تيمنا بالحلف الإستعماري الدولي الذي لا يحارب غير المسلمين من أفغانستان إلى العراق والشام واليمن، ويحاصر جزيرة العرب لإسقاط مقدساتها في يد اليهود، بأيدي الصهاينة العرب الجدد وأنظمة العار). ذلك الناتو الجديد ـ الإسرائيلي العربي ـ قد تدعو الحاجة إلى إستخدامه على الطريقة اليمنية في دول مهددة بانفجارات شعبية ربما تجد طريقا صحيحا للثورة ـ هنا قد تتعرض لعاصفة حزم سعودي إماراتي برعاية الحليف الصهيوني في بلدان جديدة، قد تكون مصر مثلا أو السودان، أو أي مكان عربي أو إسلامي آخر. أوراق إعتماد مصر في النظام اليهودي الجديد نجحت إسرائيل منذ إتفاق السلام الذي عقدته مع السادات، في تحويل مصر إلى مومياء في تابوت. مجرد نظام متعفن يحكم دوله ميتة محاطة بالصحاري، والبحار المسكونة بالأساطيل المعادية. وما تعفن النيل بالفضلات والنفايات إلا إنعكاس لصورة النظام والمجتمع والثقافة وحتى الحالة الثورية البائسة التي تجلت في أداء ثورة 25 يناير (وشقيقها المضادة) ثورة 30 يونية. حتى عند الوصول إلى نقطة جفاف النيل وبقاء المجرى المليء بالنفايات، ستكون هي أيضا صورة معبرة عن الموقف المصري العام من جميع أوجهه. من أهم الخدمات التي يمكن أن يقدمها النظام المصري لإسرائيل: 1 ـ منع تدفق الهجرة البشرية صوب أوروبا بعد توقف ماء النيل وبدء تفتت الكيان المصري. مسلحا بحاملتي طائرات هيلوكوبتر سيتمكن النظام من إبادة قوافل الموت في البحر الأبيض وتحويله إلى مقبرة للهاربين من الجحيم المصري. 2 ـ محاربة الإسلام داخل مصر وفى المنطقة العربية ، تحت ستار محاربة الإرهاب. واستخدام الجيش المصري في مهام مدفوعة الأجر لمعاونه جيوش النفط في الميادين المختلفة، وحسب ما تسمح به ظروف الجيش المصري نفسه، كونه غير جاهز نفسيا ولا فنيا لمغامرات عسكرية واسعة النطاق، إذ تبدو جيوش النفط أكثر جاهزية نظرا لقدرتها على تجنيد المرتزقة الدوليين في أسلحة جيشها المختلفة خاصة في الطيران 4 ـ إعتماد مصر على وسائلها. العسكرية والإستخبارية وفنون التعذيب، في مكافحة الإسلام رغم أن ذلك يجعل دورها أقل أهمية وفاعلية من الدور السعودي ونظم المشيخات. فالنظام المصري يفتقد إلى التنظيمات الوهابية المسلحة كالتي تمتلكها السعودية ومشيخات النفط وحتى تركيا. فالنظام المصري يعتمد على دور الأزهر الذي فقد بريقه وتأثيره، وفقد ثقة جمهور المسلمين. وكذلك يعتمد النظام على الطرق الصوفية، وهي أيضا عديمة الفعالية وأتلفها ـ كما الأزهر ـ عبث أجهزة أمنية غبية ضيقة الأفق، لا تعرف غير لغة القبضة الحديدية، وأسلاك التعذيب بالكهرباء. 5 ـ بعد النظامين الأردني والسعودي ، يمتلك النظام المصري ميزه الأقدمية المطلقة في خدمة إسرائيل بكل إخلاص وتفان ، مقابل عمولات معقولة. فهو الذى راود باقي الأنظمة العربية وشجعها على التغلب على خجلها وترددها من أداء فريضة العمالة لإسرائيل. محولا الخيانة من فريضة سرية إلى فريضة علنية. وفعل نفس الشيء في ميادين أفريقيا والعالم الإسلامي، مسوقا إسرائيل كصديق أو حليف إستراتيجي. 6 ـ بعد إنقلاب 30 يونيه 2013 والعودة الدموية للجيش إلى صدارة الحكم المباشر ، أسرع الجنرال البيادة إلى تقديم كل ما يملك لإسرائيل بأقصى سرعة ممكنة ـ حتى أنه تباهى بأن حكمه قدم في عامين ما لم يقدمه السابقون عليه في ثلاثين عاما . إستغل في تحقيق ذلك هول الصدمة التي إنتابت الشعب من دموية قمع الجيش للإخوان في مجزرة رابعة، التي لم تشهد لها مصر مثيلا من قبل، وما تبع ذلك عن عنف منظم واعتقال لأعداد من الشباب لم يسبق لها مثيل في مصر. إستهلاك أوراقه بهذه السرعة أفقدته الكثير من قيمته لدى إسرائيل بنفس السرعة، وجعل مشيخات الخليج تسبقه في الأفضلية والفاعلية في خدمة النظام الإسرائيلي الجديد للمنطقة. أوراق إعتماد السودان في النظام الإقليمي الجديد: النظام العسكري في السودان قدم لإسرائيل خدمات هائلة فيما يتعلق بمياه النيل وقطعها عن مصر وتحويل مجرى النهر إلى المحيط الهندي. وساعدها في عزل مصر عن أفريقيا، وفصل جنوب السودان الجريمة التي تعادل جريمة ثوار يوليو في مصر بالتنازل عن السودان وفصله عن مصرعام 1956 ثم العمل على إحكام حظر الماء عن مصر بإقامه ثلاث سدود على النيل الأبيض ، لمنع القليل الذى يصل منه الى مصر %14) ـ 18%من الماء الواردة إليها( . ــ التفريط في أراضي السودان الخصبة وتأجيرها لمده طويلة جدا لمستثمرين من مشيخات النفط، وآخرين، في تسلل واضح لإسرائيل إلى أرض السودان. وذلك خصما بالطبع من نصيب الشعبين في مصر والسودان من فرص الحصول على الطعام في المستقبل غير البعيد. ويدعم ترشيد إستخدام المياه في إسرائيل لصالح إستثماراتها المربحة للماء. ــ مواقف عسكر السودان يدعم مواقف عسكر مصر في عزل شعبي البلدين عن بعضهما، وجعل السودان حاجزا جغرافيا يعزل مصر عن عمقها الإفريقي، بما يمهد لعزل أقصى جنوب مصر في دولة للنوبيين تقطع السد العالي وما قد يتسرب من مياه إلى ما تبقى من مصر. ــ يساهم السودان بما تيسر له من قوات لدعم مغامرات النفطيين العرب في اليمن، والبحر الأحمر، ويدعمهم سياسيا طمعا في عطاياهم النفطية، كما أنه يحرس سد النهضة من طرف الحدود السودانية. واقعيا أصبحت حدود السودان الشمالية هي فاصل حقيقي بين مصر وعمقها الأفريقي. والصحراء الغربية تعزلها عن الشمال الأفريقي، وقناة السويس هي نهاية الحدود البرية شرق مصر، وقطعت إتصال مصر بقارة آسيا. وهكذا إكتمل التابوت الذي سيضم رفات الدولة المصرية. مكانة تركيا في النظام الصهيوني الجديد: دستور إسرائيل في علاقتها مع تركيا هو قول جولدا مائير رئيسة وزرائهم السابقة) إن التحالف مع تركيا وأثيوبيا يعنى أن أكبر نهرين في المنطقة سيكونان في قبضتنا (، وهي تعنى بالطبع نهري النيل والفرات. ــ بقوة الإسناد الإسرائيلي شيدت تركيا سد أتاتورك ومجموعة سدود أخرى، وتحتجز 25 مليار متر مكعب سنويا من نصيب سوريا والعراق من مياه دجلة والفرات. ــ وبنفس الإسناد تدعم تركيا الإضطرابات المسلحة في كلا البلدين، بهدف إسقاط الدولتين وتقسيمهما، فتتخلص من وجود أي جار عربي قوى، وهو هدف مشترك مع إسرائيل. ــ تشارك تركيا بقوة في بناء سد النهضة، ومشاريع الدفاع عنه، وإمداد أثيوبيا بالأسلحة اللازمة، وهو نفس ما تفعله إسرائيل بشكل أكبر بكثير. ــ المشروع الخاص بسحب مياه نهري سيحون وجيحون إلى إسرائيل ومشيخات الخليج، قدمته تركيا مع إسرائيل لإكسابه الطابع الإسلامي إلى جانب الطابع التركي حتى تتقبله الشعوب الإسلامية. هذا التوافق الكبير في استراتيجية البلدين إضافة إلى أن تركيا دولة كبيرة وقوية بالقياس إلى جيرانها العرب، كما أنها عضو في حلف شمال الأطلنطي) الناتو (، كل ذلك جعل الزعامة التركية الحالية) أردوجان (يتوهم أنه شريك كامل الأهلية لإسرائيل في قيادة أو إقتسام النفوذ في المنطقة العربية. وذلك الموقف المستقل والمتعالي دفع إسرائيل وذئاب حلف الناتو إلى التفكير في الإطاحة بنظام) أردوجان (وحزبه بواسطة إنقلاب عسكري على الخطى المصرية. ولكن فشل الإنقلاب فسعى النظام التركي إلى الاستحواذ على مزيد من الصلاحيات ـ منتقلا أكثر صوب الديكتاتورية دفاعا عن نفسه. مع كونه يتمتع بشعبية لا شك فيها، تجلت بمشاركة شعبية في إحباط الإنقلاب. غرق التيار الإسلامي، في حرب المياه: ينظر إلى التيار السلفي بتفرعاته المختلفة على أنه ملحق بجبهة مشيخات النفط، حيث جذوره الإعتقادية وإمداده المالي وقاعدته الخلفية. فكانت حصيلة أعماله القتالية أو الدعوية أو مناوراته السياسية في ساحة السباق نحو الحكم، تصب جميعا في صالح المعسكر النفطي وتنوب عنه في الميدان.
-الدول التي قدمت عوناً لوجستيا أو تسليحيا مارست قدرا من التأثير على مسيرة ذلك التيار ، كما هو الحال مع تركيا وتأثيرها على الإخوان المسلمين والجماعات القتالية في سوريا ، حتى أصبحت تركيا هي من ينوب عن ذلك التيار في ساحة القرار السياسي وفى مسير المفاوضات مع النظام السوري. وذلك قريب جدا من دور باكستان مع منظمات المجاهدين الأفغان الذين قاتلوا ضد السوفييت، وتلقوا دعما لوجستيا كبيرا من باكستان التي سيطرت على الإمداد بالسلاح نيابة عن الأمريكيين، ووزعت قدرا لا بأس به من الأموال وفتحت أراضيها لحركة المجاهدين والمهاجرين، وفى مقابل ذلك تولت توجيه العمل السياسي لقضية الشعب الأفغاني وتحديد مصيره السياسي.
وذلك هو ما يسمى حربا بالوكالة، ليس لصالح باكستان بل لصالح المعسكر الذي تخدم فيه باكستان أي المعسكر الأمريكي، لأن نجاح المجاهدين زاد من الثقل النسبي لباكستان داخل المعسكر الأمريكي. ومن خلال الحالة الجهادية الأفغانية أن إكتسبت السعودية قدرا كبيرا من الوزن النسبي داخل المعسكر الأمريكي بما قدمته من دعم مالي ومعنوي وأيدلوجية للمجاهدين الأفغان، وفى نهاية الحرب عندما تجهزت الأحزاب الأفغانية للإنتقال من منفاها في بيشاور إلى العاصمة الأفغانية كابل كي تستلم الحكم هناك، كان مدير المخابرات السعودية هو الذي أشرف على تشكيل أول حكومة للمجاهدين، كما رتب لهم عملية تداول السلطة وتقاسمها فيما بينهم. بشكل عام تصلح الحرب الأفغانية ضد السوفييت كمثال نموذجي للحرب بالوكالة، وهي الآن تتكرر في خطوطها العامة في سوريا والعراق. مع إختلاف في التفاصيل ليس أكثر. فالسعودية لم تعد تنفرد بالدور الداعم ماليا ودعائيا وأيدلوجيا إذ ظهرت قطر كمنافس قوى في ذلك الدور. والدعم اللوجستي ظهرت فيه أطرافا أخرى مثل الأردن التي نافست الأتراك. ــ في أفغانستان أفضى التدخل الخارجي إلى فساد كبير في صفوف القيادات العليا داخل المنظمات الجهادية، فبدأ حكم المنظمات بحرب أهليه طاحنة حتى صارت حياة الشعب الأفغاني جحيما، وقد كان يظن أن جهاده قد إنتصر وأنه عاد إلى بلاده ليحكم بالإسلام، ويعم السلم والأمن والرخاء ولكن العكس تماما هو ما حدث، إلى أن ظهرت حركة طالبان فعدلت المسار بدعم شعبي كبير. ـ إستدعى الأمر تدخلا عسكرياً مباشراً من جانب المعسكر الأمريكي ومعهم المؤيدين السابقين للجهاد، حتى باكستان التي كانت ملجأ للمجاهدين والمهاجرين، صارت القاعدة الأساسية للغزو البري لإسقاط حركة طالبان، واحتلال أمريكا والناتو لأفغانستان. ــ القاعدة الجوهرية هنا: هي أن الحرب بالوكالة في حال إنتصارها لا تحقق مصلحة الشعب بل تخدم جبهة الداعمين بالمال والسلاح والذين قدموا خدمات الإمداد والإيواء والدعاية. ــ ويعتبر نجاح حركة المقاومه كاملا إذا كان موقفها الأيدولوجية والسياسي متطابقا منذ البداية مع المعسكر الذي يساندها، وكانت هي مجرد إمتداد له. كما كانت حركه) الفييت كونج (فى فيتنام الجنوبية التي إرتكزت على دعم فيتنام الشمالية، فكانت حركة تحرر وطني وإعادة إلتحام البلد الواحد. وكذلك حالة حركة طالبان التي كان إعتمادها المادي الكامل هو على إمداد شعبها، الذي ساندها بالمال والرجال والسلاح، فكانت تعبيرا خالصا عنه. ــ يظهر التيار الجهادي السلفي كفرقة مذهبية مسلحة، تقاتل المسلمين على إجتهاد فقهى معين، وتصادق وتتحالف مع أعداء المسلمين إذا دعموها في حربها المذهبية على باقى المسلمين.
- والآن يحسب التيار الجهادى السلفي) الوهابي في حقيقة الأمر (على أنه كيان ملحق بالمشيخات النفطية ، وتابع مذهبي ومالي لها. والأخطر هو تبعيته السياسية لتلك المشيخات التي تجاوزت تحالفها التقليدي مع الإستعمار القديم) بريطاني ثم أمريكي (إلى تحالف معلن ومكشوف مع إسرائيل وبذلك يتحول التيار الجهادي السلفي إلى تيار معادى لشعوب المنطقة. بل معادى للإسلام نفسه رغما عن أي هستيريا مذهبية. - القضايا المذهبية والخلافات الفقهية والنشاط التكفيري ، ثم القتل المفرط في غير موضعه وفى أي اتجاه ممكن ، جعلت ذلك التيار خطرا على الإسلام وعلى البشر عموما ، وأعطت مبررا لمن يقولون في الغرب بأن المشكلة تكمن في الإسلام نفسه ، ويطالبون بالحرب الدائمة والشاملة على الشعوب المسلمة إلى أن يقتلعوا جذور هذا الدين. - إرتكبت التيارات السلفية أخطاء جوهرية نتيجة خلل فكرى جسيم. فقد طرحوا السلفية كوجه وحيد للإسلام، وتعبير أوحد عن) أهل السنة والجماعة (، وكأنه لا توجد سنة ولا جماعة خارج السلفية. رغم أن من هم خارج هذا التصنيف الفني هم جماعات تعترف وتتعبد بالسنة، ويتبعونها قدر الإمكان حالهم مثل حال الآخرين.
وفى السنوات الأخيرة تخطت تلك التنظيمات حالة مصادرة الإسلام لصالح) منهجهم (السلفي، فصادروا حق باقي المسلمين في الجهاد بإعتباره) نظام دفاعي أممي تعبدي (كما قلنا في أحد المناقشات. فلا يعترفون بغير جهادهم المذهبي) الجهاد السلفي (أو) السلفية الجهادية (. ــ التيارات السلفية تسببت في أفدح الأضرار بالإسلام بل) لأهل السنة والجماعة أنفسهم (. كما هو واضح من نشاطاتهم في العقود الثلاثة الأخيرة، وحتى قبل ذلك بكثير. وأثبتت إنفصالاً كاملاً عن المشاكل الحقيقية للشعوب المسلمة، مستبدلين ذلك بإهتمام هستيري بالخلافات المذهبية وتحويلها من موضوعات نقاش علمي إلى موضوعات عسكرية وحروب إستئصاليه للمخالفين. ــ ليس ذلك حال السلفية الجهادية فقط، بل أيضا جميع السلفيات الأخرى وحتى السلفية السياسية) الإسلام السياسي ( مثل جماعة الإخوان ، التي إمتازت بقدر أكبر من الإنتهازية والسطو على مجهودات الآخرين ، مسلمين وغير مسلمين ، وعقد الصفقات حتى مع الشيطان شخصيا من أجل الوصول إلى الحكم أو حتى بالقرب من موائد الحاكمين. ــ أحداث إنتفاضة 25 يناير 2011 في مصر تمثل نموذجاً واضحاً لأداء السلفية السياسية )الإخوان( وحلفائهم آنذاك )الجهادين السلفيين ( . فمنذ البداية، الإخوان) بالنيابة عن التيار السلفي كله (تفاهموا مع المجلس العسكري على مشاركتهم في السلطة، وإحباط الشعارات) الضارة (التي رفعها البعض في المظاهرات وعلى الأخص الشعار مجهول المصدر ولكن معبر بصدق عن مطالب الشعب وهو) عيش حرية عدالة إجتماعية ( . وللمشاغبة والإحباط رفع السلفيون في مقابل ذلك الشعار شعارا “إسلاميا” هو تطبيق الشريعة وإقامة الدولة الإسلامية، بدون الكشف عما إذا كان فهمهم للدولة الإسلامية يعنى أيضا توفير مطالب). العيش والحرية والعدالة الاجتماعية (أم أنه بديل عنها. ومفهوم من أدبياتهم ومن تحالفهم العضوي مع أنظمة النفط أن الدولة الإسلامية عندهم ليست سوى مشيخة نفطية. بيت المال في جيب الحاكم، والحريات مكفولة لمن يسبح بحمده، ويطيع أوامره ونزواته بلا قيد أو شرط
- في حال وصولهم إلى الحكم في مصر ، لم يتكلم الإخوان عن مسألتي السيادة والإستقلال الوطني. ولا عن فك الإرتباط مع إسرائيل باتفاقيه سلام كارثية عقدهها عميد الخيانة في مصر وبلاد العرب) أنور السادات (. بل العكس، أرسل الرئيس مرسى رسالته الشهيرة إلى شمعون بيريز رئيس وزراء إسرائيل محتوية على مشاعر الود والصداقه بين الشعبين !!.
ــ وكشف دبلوماسيون مصريون سابقون، ما أكدته الأحداث من أن الإخوان قبلوا الشروط المفروضة عليهم لقاء وصولهم إلى الحكم وهي: 1 ـ تضمن الجماعة موافقة حماس على أي إتفاقية تبرمها السلطة الفلسطنية مع إسرائيل. 2 ـ الموافقة على إقامة وطن قومي للفلسطينيين في شمال سيناء. 3 ـ فتح الأسواق المصرية أمام الإستثمارات اليهودية. ولاحظ هؤلاء أن الإخوان لم يقطعوا العلاقات مع إسرائيل ولم يلغوا صفقة الغاز معها. بل أن أحد زعماء الإخوان أعرب عن ترحيب الجماعة بعودة اليهود مرة أخرى إلى مصر.
- ومع كل هذا التفريط في حقوق الشعب ومطالبه الأساسية ، لم يفتر الإخوان عن تأجيج الخطاب الطائفي ، فاستوردوا لمصر مشاكل لا تعانى منها أصلا ، مثل) المشكلة بين السنة والشيعة (. ورفع مرسى شعار لبيك سوريا) إستجلابا لأموال المشيخات (ولم يقل لبيك مصر فيستعيد ثرواتها المنهوبة من الجيش ونظام مبارك، ولم يفتح فمه عن القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في مصر بعيدا عن أعين الشعب. ولا عن حقوق أمريكا غير المقيدة في إستخدام قناة السويس عسكريا وكذلك مياه مصر وأجوائها، مع عصمة رعاياها وعملائها عن أي مساءلة قانونية ولم يتكلم عن التواجد الإسرائيلي الكثيف في مصر في كافة مناحي الحياة، من الجيش والأمن إلى الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني. أو عن إحتلال رجال إسرائيل لوزارات بعينها ليس فقط الدفاع والأمن ـ بل الزراعة والري لتخريب مصر وصحة شعبها وأمنها المائي.
فلم تشهد مصر في عهد الإخوان أي حملة تطهير للفساد والمفسدين. فجاء البنيان السلفي الحاكم في مصر متلبسا بطيات البنيان الطاغوتى السابق عليه. والشعور الطائفي الملتهب زورا وجهلا كان خير غطاء للتواطؤ الخائن للوطن والشعب والضمير وكل المقدسات. وبدلا عن الجهاد في مصر لأجل بناء مصر وتطهيرها من الفساد والمفسدين، ومن الإحتلال المستتر عسكريا وأمنيا واقتصاديا. إنهمكت السلفية السياسية والجهادية في توريد الأنفار المقاتلين إلى بؤر الفتن المستعمرة من ليبيا إلى سوريا. وكالعادة الثابتة ثبات القانون الطبيعي، فإن أي مكان تطأه قدم السلفية الجهادية أو السياسية، تنتكس أحواله إلى أسوأ ما كانت عليه. وليس في الواقع أي سابقه تبرهن على غير ذلك.. فلماذا؟؟ ــ ولماذا تحولت السلفية في أثوابها المختلفة، إلى) سد نكبة (يشبه سد النكبة الأثيوبي، فتحتجز خلفها طاقات الشباب المسلم وتمنعها من الإنسياح الصحيح في الأرضي لتنفع الناس؟؟. وبدلا عن ذلك تحتجزها لتتاجر بها في سوق السياسة الدولية والحروب بالوكالة. أو أن تحول تلك الطاقات إلى طوفان من الدماء يغرق بلاد المسلمين بدعوى إصلاح عقائدهم ومحاربة فرقهم الضالة، بينما بلاد المسلمين تعاني من العسف والجور والإحتلال والتبعية والتخلف الفاحش، والأمراض والجهل والفقر المزمن.
-لا شيء من كل تلك الكوارث يشغل بال تلك الجماعات فهي مهمومة فقط بالفتن ، وإحياء ما ظهر منها وما بطن ، فإن لم تتواجد خلقتها.
فإلى أي معسكر تنتمى السلفية بشقيها الجهادى والسياسي ؟؟ .
الفصل الخامس: الـيـمـن وحـرب الـمـيـاه
أهمية اليمن للعرب وجزيرة العرب: ” اليمن هي الخزان البشرى لجزيرة العرب ” هو قول مشهور وصحيح. و”الإيمان يماني والحكمة يمانية ” هي كلمات ذات قدسية ومصداقية. ــ وتاريخيا عندما تحركت جيوش جزيرة العرب صوب الخارج في فتوحات، كان شعب اليمن في الصدارة العددية والعملياتية. ــ وحاليا يستحيل التفكير في الدفاع عن جزيرة العرب بدون دور أساسي لشعب اليمن. فجزيرة العرب مهددة جديا بعمليات سلخ واستقطاع وزحف خارجي، صوب المقدسات من جهتها الغربية، وصوب ثروات النفط من جهتها الشرقية. ويمكن القول بأن شعوب الجزيرة قد تم إخضاعها بدرجة لا يمكن معها لهذه الشعوب أن تخوض أي صراع مسلح أو حتى سياسي. فلم يتبق غير شعب اليمن، لذا يجرى إستنزافه منذ سنوات، والآن يتعرض للغزو المباشر في ضربة أريد لها أن تكون حاسمة، فجاءت عاصفة الحزم لإخضاع شعب الملاحم والفتوحات. الخطر الراهن على اليمن: 1 ــ هدف العدوان على اليمن) عاصفة الحزم (هو سلخ سواحل اليمن ووضعها تحت سيطرة خارجية إسرائيلية /أمريكية ، بأيدي وكلاء من السعودية و مشيخات النفط. 2 ــ تقسيم اليمن إلى عدة دول صغيرة متصارعة يسهل السيطرة عليها من نفس القوى الخارجية وأذنابها الإقليميين.
الهدف من فصل السواحل والجزر عن البر اليمنى:
أولا ــ تأمين المصب الجديد لنهر النيل، الناتج عن تحويل مياه سد النهضة إلى موانئ القرن الأفريقي في جيبوتي أو أرتيريا ـ وربما من كلاهما ثم تحميل المياه من هناك في صهاريج إلى موانئ الدول المشترية والمستهلكة لمصدر المياه الجديد، وهي في الأساس: إسرائيل صاحبة المشروع، ثم مشيخات النفط، وهي الممول الأول للمشروع المائي، والممول للمشروع العسكري ضد اليمن، بهدف حماية المصبات الجديدة لنهر النيل. ومن ضمن إجراءات الحماية يأتي بناء قواعد عسكرية وبحرية على جانبي السواحل المتحكمة في مضيق باب المندب، سواء جانبه الأسيوي أو جانبه الإفريقي. وهو مجهود تشارك فيه أمريكا وإسرائيل والإمارات وفرنسا التي تمتلك قاعدة عسكرية في جيبوتي، وتركيا التي تبنى حاليا قاعدة عسكرية في الصومال تطل على بحر عمان سلخ شواطئ اليمن تشمل بالطبع إحتلال الجزر اليمنية في البحار، وتركيز قوات أجنبية فيها، وفى مقدمتها القوات الاسرائيلية التي سوف تتمركز على جانبي باب المندب، كونها المستفيد الأول والمحرك الأساسي للمشروع كله.
ثانيـــا: تقسيم أراضي اليمن إلى عدة دول، وتقسيم شعب اليمن إلى عدة شعوب وإشعال نار الفتن فيما بينها. وذلك جزء من السياسة الإسرائيلية للمنطقة العربية كلها. ــ بعد فصل الشواطئ عن اليمن سوف تصبح حياة الكيانات السياسية الجديدة خلف ذلك الخط البحري حياة مذريه، يعصف بها الفقر والعزلة والتهميش السياسي، ويحيط بهم الأخطبوط السعودي برا وبحرا وجوا حتى يسلب آخر أنفاسهم، ويحول من تبقى من سكان اليمن إلى كتلة بشرية بائسة ومنسية، بعيدة عن إهتمام باقي الأمم، كمثل شعوب وسط أفريقيا أو وسط أمريكا الجنوبية، أو وسط آسيا. لأن فقدان السواحل له انعكاسات سلبية كثيرة على أحوال الدولة الداخلية وقيمتها عالميا. ً
حرب المجاهدين للدفاع عن اليمن
وينقسم الحديث عنها إلى قسمين: 1 ــ هدف الحرب 2 ـــ استراتيجية الحرب. أولاــ هدف الحرب: هي حرب عنوانها الشامل هو الدفاع عن اليمن شعبا وأرضا وجوا. وحول هذا المفهوم الدفاعي يتم الآتي: – وضع استراتيجية الحرب. ــ التعبئة المعنوية والنفسية للشعب والمقاتلين. ــ رسم المجهود السياسي والإعلامي في كافة دوائره من المحلى إلى الإقليمي إلى الدولي. حرب الدفاع عن اليمن هي حرب للدفاع عن الأهداف الأساسية التالية: – وحدة الشعب اليمنى، وسيادته على بلاده، وحقوقه الأصيلة في ثرواتها. ــ وحدة الأراضي اليمنية، وحفظ سيادتها واستقلالها. ــ وحدة سواحل وجزر اليمن وتبعيتها الكاملة للوطن الأم. تلك هي حرب اليمن وهي حرب محدودة، ومجرد جزء من سلسلة حروب متصلة ومتواصلة في الزمان والمكان. وأقرب حلقات تلك السلسلة هي الحرب المتوقعة على جزيرة العرب، بهدف : – فصل مشرقها النفطي وتسليمة إلى أيادي غير إسلامية من المقيمين فيه من دول مصدرة للعمالة، مثل الهند والفلبين. – زحف اليهود إلى المدينة النورة والإستيلاء عليها، عبر وكيلهم في الأردن الذي يخططون لتسليمه جزء من شمالها بما فيه تبوك. – فصل مكة في كيان سياسي ديني / شبيه بالفاتيكان / قد يدير المقدسات في المدينة المنورة أيضا بدون سيادة عليها. – وكتمهيد لذلك الهجوم على جزيرة العرب تم حصارها بحريا بشكل كامل بواسطة الأساطيل المعادية في البحر الأحمر وبحر عمان وبحر العرب والخليج، والسيطرة على المضائق البحرية المحيطة بها، في مضيق هرمز، ومضيق باب المندب، ومضيق العقبة عبر جزيرتي تيران وصنافير وصولا إلى مينائي إيلات والعقبة. ومن أقرب الحلقات أيضا: – الحرب على مصر والسودان والصومال، لتقسيم تلك الدول، وإبادة أكبر قدر من سكانها بالحروب والمجاعات والعطش، وتقسيم أرضيها إلى جزيئات صغيرة ضعيفة تدور حول إسرائيل كقائد للنظام العربي الجديد. – حروب وفتن وثورات، لتفتيت كامل المنطقة العربية وإعادة رسم حدود جديدة لدولها، وعزل عرب شمال أفريقيا عن باقي القارة بحزام من دولة جديدة للأمازيغ. وعزل سكان مصر عن سكان السودان بدولة نوبية جديدة مدعمة بقوة من إسرائيل والغرب وتسيطر على السد العالي والمياه القليلة التي ربما قد تصله. والسودان الآن معزول عن معظم القارة الأفريقية بواسطة دولة جنوب السودان المعادية له، وهناك مشروعات لدول إنفصالية أخرى غرب السودان وشرقه، لإحكام العزلة والحصار. – والبحر الأحمر أصبح بحيرة إسرائيلية أمريكية تفصل مصر والسودان عن جزيرة العرب. التي لن يصلها مدد بشرى من أي مكان إذا تطلب الأمر الدفاع عنها وعن مقدساتها. – وكل ذلك جزء من حرب أكبر لسيطرة الرأسمالية الدولية المتوحشة عبر الشركات متعددة الجنسيات على ثروات العالم، والسيطرة بالإقتصاد على الدول والحكومات والجيوش والشعوب، والإقتراب بذلك خطوة كبيرة نحو الحكومة العالمية، حلم الصهاينة اليهود.
ثانيا ـ استراتيجية الحرب:
1- أسهل السبل لرسم استراتيجية ما ، هو العمل عكس استراتيجية العدو. يستدعى ذلك بالطبع فهم استراتيجية العدو بشكل صحيح، بعيدا عن تأثيرات الحرب النفسية والدعائية التي يديرها العدو بإستمرار، حتى يضلل الآخرين عن إدراك حقيقة نواياه. فحروبه مغلفة دوما بذرائع مضللة مثل} الحرب على الإرهاب، مكافحة المخدرات، مقاومة نفوذ هذه الدولة أو تلك، محاربة القرصنة، الحرب على التطرف الديني، منع إنتشار الأسلحة النووية، مقاومة التلوث البيئي، نشر الديموقراطية وحقوق الإنسان، مقاومة محور الشر، مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر.. إلخ {. – كما ينبغي الحذر من أساليب العدو في الحرب النفسية، وإستخدامة لأسلحة: الإشاعة والأكاذيب والتهويل والحملات الكبرى التي يستخدم فيها الإعلام والمنظمات الدولية. بالتحرر من تلك المؤثرات السلبية يمكن وضع إستراتيجيات عسكرية أوغير عسكرية تكون خارج هيمنة العدو.
- الإستراتيجية العسكرية يضعها جنرالات الحرب طبقا لمعطيات الميدان ودراستهم لأطراف الصراع وطبيعة الأرض والمناخ والتجارب الميدانية المباشرة ، وكل ذلك تحت توجيه عام من القيادة السياسية ، وطبق رؤيتها لأهداف الحرب ، ومحددات إستخدام القوة العسكرية. - أقرب نموذج حرب مشابه لحرب اليمن ، هو الحرب في أفغانستان. لذا يجب دراسة أساليب الطرفين في خوضها. والإطلاع على تكتيكاتها والأسلحة المستخدمة فيها. فالمجاهدون الأفغان قدموا الكثير من التكتيكات المبتكرة خاصة في قتال المدن، وابتكروا إستراتيجية حرب مختلفة تماما عما سبق إستخدامه في أفغانستان، أو غيرها، لمواجهة التجديدات الجذرية التي أدخلها العدو في أسلحته والتكتيكات المرافقة لإستخدامها فى مجال مقاومة حروب العصابات. ومن أهم إبتكارات المجاهدين الأفغان كان إختراق الأجهزة العسكرية والأمنية للعدو بأعداد كبيرة من المجاهدين، مع توجيه حملة دعوية كبيرة، غالبا ما تعتمد على الإتصال المباشر مع عناصر الجيش والشرطة، وإستمالتهم للتعاون مع المجاهدين وتوجيه ضربات من داخل الوحدات العسكرية والأمنية خلال وقت العمليات العسكرية أو خارج وقت العمليات. أدت تلك الإستراتيجية والتطبيق الواسع لها إلى إنهيار معنوي كبير في نفسيات جنود العدو، فكانت من أهم أسباب إنسحاب معظم قوات التحالف من أفغانستان.
2- تحديد جبهة الأعداء بدقة: وهم في حالة اليمن، بالترتيب: إسرائيل، الولايات المتحدة، حلف الناتو، أوباش التحالفات الدولية، ومنهم بالطبع مشيخات النفط، ثم النظام الإقليمي الجديد في المنطقة العربية بقيادة إسرائيل، متحالفة مع تركيا. 3- تحديد جبهة الحلفاء … والحلفاء المحتملين: في حالة الحروب تصطف الدول خلف مصالحها. ونادرا ما تتفق المصالح بشكل كامل، وغالبا ما تكون الإتفاقات جزئية. كما أن هناك موقف المتربص الذي ينتظر الجولة ما قبل الأخيرة كي يقفز في القارب الناجي أو المنتصر. ــ وأعداء المعسكر المعتدى على اليمن قد يشكلون جبهة متحالفة مع شعب اليمن، أو مخزونا لحلفاء محتملين معه. ــ يمكن إعتبار الثغرات في صفوف الحلف المعادي لليمن، مصدرا للحلفاء المحتملين. سواء في جبهة مشيخات النفط، أو الحلف الدولي، أو تجمع الأوباش من السائرين في ركاب كل تحالف عدواني تنشئه أمريكا. فدول الخليج مليئة بالتناقضات والعداوات العميقة بين العائلات الحاكمة، وذلك أيضا مصدر لتوريد الحلفاء المحتملين. ومنهم من لا يؤيد بالفعل ذلك العدوان ولا التمدد الإمبراطوري للسعودية على حساب اليمن، فهو يهدد جيران اليمن ويهدد العديد من أنظمة المشيخات خوفا من أن تزيحهم السعودية عن سدة الحكم في عهد أمرائها الأغرار الجدد، محدثي السلطة المتلاعبين بنيران الحروب التي ستحرقهم في نهاية المطاف وتقضى على حكم أسرتهم منتهية الصلاحية. ــ التحالف أمر معقد وحساس، ويحتاج إلى معارف محددة ومهارات خاصة وقدر كبير من الإنضباط، بلا جمود عاجز أو إندفاع طائش. والتحالف أمر شائك ولكن الأسوأ منه هو عدم وجود حلفاء. قال تشرشل رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الثانية) ليس أسوأ من وجود حلفاء إلا عدم وجودهم (. فالتحالف أمر بديهي في مجالات الداخل والخارج والجوار القريب والبعيد. والمصالح المشتركة هي العنوان الأساسي للتحالفات. ويحدث أحيانا أن تكون المثل أو المبادئ المشتركة أو المتشابهة داعما لمبدأ المصالح المشتركة في التحالفات
البعد الإفريقي لحرب اليمن
حرب اليمن هي جزء عضوي من عملية نهب مياه النيل والتوجه بها إلى السوق الدولية كسلعة إستراتيجية. وأهم الأسواق تحديدا هي إسرائيل ومشيخات الخليج. إحتلال شواطئ اليمن هي جزء أساسي من عملية السيطرة والتأمين لمصبات النيل الجديدة في جيبوتي و) أو (إرتريا. وبالمثل هي عملية إحتلال الصومال وتحطيم شعبه ودولته ودفعه إلى خارج معادلات الإقليم، تمهيدا) لتطهير (الساحل الشرقي لأفريقيا من التواجد الإسلامي، لتأمين مصبات النيل الجديدة وحماية تجارة المياه من المنافذ البحرية القريبة من الصومال. ــ إذن حرب الصومال هي جزء عضوي ومكمل لحرب اليمن ولنفس الأهداف تقريبا. ومن الطبيعي لقيادات الجهاد في البلدين توحيد رؤيتهم للمعركة وتكامل مكوناتها في كل من اليمن والصومال، ثم الدخول في مرحلة التخطيط المشترك للحربين على المستوى الإستراتيجي العسكري والسياسي. فالجبهة المعادية هي نفسها على الجانبين، وتحالفات وإنتصارات أي طرف هي مفيدة بلا شك للطرف الآخر. ــ ويلزم تغيير النظرة إلى عدد من الأطراف الأفريقية، وتحويلهم إلى مكانة الأصدقاء المحتملين، خاصة وأنهم قد أضيروا من الطرف الأثيوبي المعادي لنا. فمثلا كينيا وقعت في مشاكل كبيرة وتشرد حوالي ربع مليون كيني بسبب بناء أثيوبيا لعدة سدود على نهر مشترك بينهما. وتصرفات أثيوبيا المتغطرسة جاءت نتيجة لدعم إسرائيلي غير محدود، ما جعل العديد من الأفارقه يتوجسون منها شرا. حتى أن أخطار أثيوبيا غير مستبعدة على اليمن نفسه، فقد تنضم أثيوبيا في مرحلة ما إلى المشاركة في العمليات الأرضية ضد اليمن، وربما على الأراضي السعودية أيضا في ظل ظروف معينة. فإسرائيل تجهز الجيش الأثيوبي ليكون ذراعها القوية في أفريقيا. ــ شعب مصر من المفترض أن يكون الحليف الأقوى لشعب اليمن في معركته، التي هي معركة مياه النيل / وتحديدا نصيب مصر من مياه النيل / والتي احتجزتها إسرائيل وحلفاؤها بواسطة سد النهضة. لولا أن شعب مصر يفتقد إلى أي قيادة ذات قيمة من أي تيار كان. ــ الشعب السوداني يشكل حليفا ثانيا للشعب اليمنى إلا أنه يعاني أيضا من مشكلة غياب القيادة. الحرب والجبهة الداخلية في اليمن: حرب اليمن هي حرب) تحرير وطني (بالتعبير الفني. الهدف منها صد عدوان خارجي واسترداد الأراضي التي إغتصبها المحتل، قبل أن يستقر فيها ويبنى عليها واقعا سياسيا جديدا، سرعان ما يجد الإعتراف والتأييد الدولي. في حرب كهذه تكون الجبهة الداخلية هي الأساس في تحديد نتيجة الحرب. فإذا إقتنع الشعب بشرعية الحرب، وضرورتها للحفاظ على حياته ومقدساته وأرضه ومستقبل أجياله، فسوف يتحمل كافة المشاق ويدفع تكاليف الإنتصار. ــ فهي معركة) العقول والقلوب (لإقناع الشعب بأهداف الحرب، وكسب ثقته بل ومحبته لقيادة وكوادر الحركة الميدانيين. ــ والعدو يعمل أيضا على نفس الخط، ولكن في الإتجاه المعاكس، لكسب الشعب في صفه، ولتشويه سمعة المجاهدين، ودفع الشعب إلى كراهيتهم وعدم الثقة بهم. ــ أكبر ما ينفر الشعب من المجاهدين هو إختلافهم وتعدد فصائلهم، وتناحرهم أو إقتتالهم. ــ وأكبر عوامل نجاح) حرب التحرير (هو متانة الجبهة الداخلية ووقف جميع الصراعات بين فئات المجتمع. ــ وفى حالة اليمن، من الحيوي للغاية وقف الإقتتال الداخلي بين اليمنيين، وتوجيه كافة البنادق إلى جيوش الغزاة الأجانب وعملائهم الداخليين. ويبدو حتميا تشكيل نوع من) جبهة التحرير ( بين جميع الفصائل اليمنية المتصدية للعدوان ، وإختيار قيادة واحدة موثوقة ومقتدرة ومتفق عليها. وأن تعلن كافة الفصائل عن حل نفسها والإندماج فى الجبهة، أوعلى الأقل وقف الدعايات الحزبية والإلتفاف حول إعلام موحد للمقاومة الجهادية المتصدية للعدوان. ــ فالأمر الآن يبدو كمهزلة مبكية عندما تكون الفئات التي تقاتل المعتدين هي نفسها متحاربة فيما بينها. فمن الصعب جدا توقع نتائج جيدة من وضع مختل بهذا الشكل. أنه وضع يؤسس لمأساة في اليمن أبشع من الهزيمة ذاتها، إنه الضياع. وكذلك هي معظم شعوبنا التي تخطت مراحل الهزائم ودخلت في مرحلة الضياع، ضياع الوطن والشعب والمقدسات والمستقبل والأجيال القادمة. فنحن على وشك أن نصبح أمة من المهجرين والمشردين والجوعى، والمغضوب عليهم في كل أصقاع الأرض. ــ إن معركة اليمن هي أهم معارك العرب في الوقت الحالي. وهي مع أفغانستان يشكلان أهم وأخطر معارك المسلمين في هذا العصر. وعلى ضوء نتائجهما سوف يتحدد مصير باقي معارك المسلمين والعرب جميعا. ولأن الضياع ليس خيارا.. لذا فلا خيار أمام اليمنيين سوى النصر.. والنصر فقط.الكلمات الدالة:
- أفغانستان
- الحرب العالمية الثانية
- الأمم المتحدة
- الحرب العالمية الأولى
- الحرب الباردة
- قناة السويس
- اليمن
- أحمد شاه مسعود
- البحر الأحمر
- حوض النيل
- جنوب آسيا
- جبل الشيخ
- حلف الناتو
- البيت الأبيض
- غرب أفريقيا
- بحر آرال
- حرب اليمن
- البنك الدولي
https://googleads.g.doubleclick.net/pagead/ads?client=ca-pub-5007306297648877&output=html&h=343&slotname=4126105905&adk=1691964408&adf=1115047148&pi=t.ma~as.4126105905&w=412&lmt=1653040883&rafmt=1&psa=1&format=412×343&url=https%3A%2F%2Fm.marefa.org%2F%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AA%25D9%258A%25D8%25A7%25D8%25B1_%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A5%25D8%25B3%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2585%25D9%258A_%25D9%2588%25D8%25AD%25D8%25B1%25D8%25A8_%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%25D9%258A%25D8%25A7%25D9%2587&fwr=1&fwrattr=true&rpe=1&resp_fmts=3&sfro=1&wgl=1&uach=WyJBbmRyb2lkIiwiMTEuMC4wIiwiIiwiU00tQTMxNUciLCI5OC4wLjQ3NTguMTAxIixbXSxudWxsLG51bGwsIiIsW1siIE5vdCBBO0JyYW5kIiwiOTkuMC4wLjAiXSxbIkNocm9taXVtIiwiOTguMC40NzU4LjEwMSJdLFsiR29vZ2xlIENocm9tZSIsIjk4LjAuNDc1OC4xMDEiXV0sZmFsc2Vd&dt=1653059359454&bpp=17&bdt=565&idt=432&shv=r20220518&mjsv=m202205170101&ptt=9&saldr=aa&abxe=1&cookie=ID%3D1760499d9d08a726-22a079c9a0d300ec%3AT%3D1652544495%3ART%3D1652544495%3AS%3DALNI_MZANP0uccoGcySqow4GOziEhiYc9g&gpic=UID%3D0000072e6daddf0d%3AT%3D1653058886%3ART%3D1653058886%3AS%3DALNI_Mawv3UEULMkfzHBBhsIrbbOXkOYgw&prev_fmts=0x0%2C412x343%2C412x344&nras=1&correlator=7170646125116&frm=20&pv=1&ga_vid=1239366590.1653058885&ga_sid=1653059360&ga_hid=286017884&ga_fc=1&ga_cid=203165338.1652544492&u_tz=180&u_his=19&u_h=915&u_w=412&u_ah=915&u_aw=412&u_cd=24&u_sd=2.625&dmc=4&adx=0&ady=2136&biw=412&bih=733&scr_x=0&scr_y=93&eid=44759875%2C44759926%2C44759842%2C31067656&oid=2&pvsid=301786744542355&pem=368&tmod=10992352&uas=3&nvt=3&ref=https%3A%2F%2Fwww.google.com%2F&eae=0&fc=1920&brdim=0%2C0%2C0%2C0%2C412%2C0%2C412%2C733%2C412%2C733&vis=1&rsz=%7C%7CpeEbr%7C&abl=CS&pfx=0&fu=128&bc=31&ifi=4&uci=a!4&btvi=1&fsb=1&xpc=uxET1IoyDv&p=https%3A//m.marefa.org&dtd=457آخر تعديل لهذه الصفحة قام بهAmir Fendi منذ 4 سنة
صفحات ذات صلة
- العلاقات الإثيوپية المصرية
- يونيو 2010
- سد النهضة
- أغنية البجعة الأخيرة ولكن النيل نجاشي
- أزمة مياه النيل وعولمة المشروعات المائية
- سلمان محمد سلمان
- السادات وإثيوبيا
- يونيو 2021
- كنث ف. مكنزي
المعرفة
https://googleads.g.doubleclick.net/pagead/html/r20220518/r20110914/zrt_lookup.html?fsb=1#RS-0-&adk=1812271802&client=ca-pub-5007306297648877&fa=2&ifi=5&uci=a!5&btvi=2&xpc=667lo0FmB3&p=https%3A//m.marefa.org